وكانت روسيا تمثل 40 بالمئة من سوق الغاز بالاتحاد الأوروبي قبل أن ترسل موسكو في 24 فبراير عشرات الآلاف من الجنود إلى أوكرانيا فيما تسميه “عملية عسكرية خاصة”.
وفرض الغرب منذ ذلك الحين عقوبات واسعة النطاق شملت عقوبات على النفط والغاز الروسيين، وقلص مشترياته من الوقود من مصادر روسية وسعى باحثا عن بدائل.
وبعد انفجارات، مازالت أسبابها قيد التحقيق، أضرت بخط أنابيب الغاز الروسي نورد ستريم إلى أوروبا تحت بحر البلطيق، اقترح بوتين في أكتوبر إنشاء مركز للغاز في تركيا بناء على طريق جنوبي للصادرات.
وقال بوتين دون تحديد إنه يمكن إنشاء مركز في تركيا بسرعة نسبيا، وتوقع أن يرغب العملاء في أوروبا في توقيع عقود.
وحتى الآن لم تعلن التزامات للشروع في ذلك، ويقول محللون إن هناك حاجة إلى استثمارات ووقت.
وتساءل أليكسي جروموف من معهد الطاقة والتمويل ومقره موسكو قائلا “هل أوروبا بحاجة إلى المشروع، في ظل تصميم دول الاتحاد الأوروبي على التخلي عن الغاز الروسي في المستقبل القريب؟”.
وقال أيضا إنه من المستحيل إعادة تشكيل مكونات تدفقات الغاز داخل الاتحاد الأوروبي، حيث لا توجد روابط حالية قد تصل بالمركز المقترح من شمال غرب أوروبا، والذي كان معتادا على الحصول على الغاز عبر نورد ستريم1.
فائض غاز
لكن قدرات الغاز وخطوط الأنابيب متوفرة.
وتراجعت صادرات روسيا إلى أوروبا بنسبة 43.4 بالمئة هذا العام، ويعمل خط أنابيب ترك ستريم إلى تركيا بسعة أقل بكثير من طاقته السنوية البالغة 31.5 مليار متر مكعب.
وقدر زونشانج لوي، كبير المحللين في شركة (رايستاد إنيرجي) أن نحو 60 بالمئة من سعة خط الأنابيب لم تستخدم بعد صادرات هذا العام البالغة نحو 10.6 مليار متر مكعب غاز بحلول 21 نوفمبر.
وقدر أن الأمر يستغرق ما بين ثلاث إلى أربع سنوات على الأقل لإنشاء البنية التحتية الجديدة المكلفة اللازمة.
وتساءل قائلا “حتى لو أمكن بناء خط أنابيب جديد، فمن ذا الذي سيشتري ذلك الغاز؟”.
ويقول آخرون إنه سيتم العثور على مشترين.
وقال مصدر في شركة جازبروم التي تحتكر تصدير الغاز الروسي عبر الأنابيب إنه يعتقد أن المركز سييسر المبيعات.
وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، نظرا لحساسية المسألة، “هذا لن يكون غازا روسيا بل غازا من المركز” التركي.
وقال مصدر تجاري في أوروبا إن الصين التي استحوذت على مكانة اليابان كأكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم عام 2021، تعيد بالفعل بيع الغاز الطبيعي الروسي المسال دون تصنيفه بأنه “صنع في موسكو”.
وقال إن المشترين في جنوب وشرق أوروبا لن يهتموا على الأرجح بمصدر الغاز الطبيعي المسال.
وقال ألكسندر جريازنوف، مدير ستاندرد آند جلوبال ريتنجز، إن أوروبا قد تكون مستعدة للشراء من موسكو عبر وسطاء في إشارة إلى أن أوروبا لم تفرض حظرا على الغاز الروسي في مقابل النفط.
ومضى يقول “لن ترغب أوروبا على الأرجح في الدخول في عقود مباشرة مع روسيا الاتحادية، وسيكون شراء كميات من السوق الفورية في تركيا مقبولا سياسيا”. وأضاف أنه سيتعين إنفاق الوقت والمال لإنشاء المركز.
وقال أليكسي جريفاش من الصندوق الوطني لأمن الطاقة ومقره موسكو إن المركز يقدم فرصا تجارية.
وأضاف “إذا بدأ المركز في العمل ستتوافر إمكانيات هائلة لجميع أنواع عمليات التبادل”.
علاقات تركية
- أقام بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان علاقات وثيقة في السنوات الأخيرة على الرغم من الماضي المتقلب الذي شابه مقتل السفير الروسي أندريه كارلوف في أنقرة عام 2016 وإسقاط تركيا لطائرة روسية في مهمة إلى سوريا قبل ذلك عام.
- تقول تركيا إنه من الممكن أيضا تضمين خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول (تاناب)، الذي ينقل الغاز الطبيعي القادم من أذربيجان إلى الحدود التركية، في المركز المقترح.
- اتفقت تركيا وأذربيجان الشهر الماضي على الصعود بطاقة خط الأنابيب إلى المثلين من طاقته الحالية البالغة 16 مليار متر مكعب “على المدى القصير”، وفي 23 نوفمبر تشرين الثاني، اجتمع رئيس شركة جازبروم الروسية أليكسي ميللر ورئيس شركة سوكار الحكومية الأذرية للطاقة روفشان نجف في موسكو.
ولم تقدم جازبروم ولا سوكار تفاصيل عن الاجتماع لكن روسيا وافقت هذا الشهر على تزويد أذربيجان بملياري متر مكعب من الغاز بموجب عقد جديد قصير الأجل.
وقال لو، من شركة رايستاد، إن الاتفاق “أثار بعض مخاوف السوق” بشأن صفقة تبادل غاز محتملة مع روسيا لتصدير مزيد من الغاز إلى أوروبا.
ومع اقتراح مركز الغاز التركي، عادت روسيا إلى فكرة قائمة منذ فترة طويلة لإضافة خطين إلى خط أنابيب ترك ستريم الحالي للصعود بقدرته السنوية إلى المثلين ليبلغ 63 مليار متر مكعب.
ويتوافق هذا تماما مع الكميات المجمعة التي تم بيعها من روسيا عبر طرق مختلفة إلى النمسا وبلغاريا والمجر وإيطاليا وصربيا وسلوفينيا وتركيا في عام 2020، وفقا لبيانات جازبروم.
وتضخ روسيا الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا، أساسا عبر أوكرانيا، بمعدل يزيد عن 40 مليون متر مكعب في اليوم، أي أقل من نصف الكمية التي اعتادت بيعها إلى الاتحاد الأوروبي.
كما أنها تضخ الغاز إلى جنوب شرق أوروبا، بما في ذلك المجر، عبر ترك ستريم.
وتبلغ كلفة خط ترك ستريم الحالي 3.2 مليار دولار، وتطلب بناء خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الذي لم يتم تدشينه عبر بحر البلطيق 11 مليار دولار أخرى تقاسمتها شركة جازبروم وشركائها الغربيين.
ولم تقدم شركة جازبروم ولا الكرملين تقديرا لكلفة فكرة المركز التركي. وامتنع ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين عن التعليق هذا الأسبوع حين سألته رويترز في إفادة صحفية يومية عن كيفية استخدام الغاز الأذربيجاني في المركز.