وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، فإن الأسعار في الولايات المتحدة تسير نحو انخفاض ملحوظ، سواء تعلق الأمر بالمحروقات أو بعدد من المواد الغذائية التي يستهلكها الأميركيون بكثرة.
وكان التضخم قد نجم بالأساس عن تبعات الإغلاقات التي جرى فرضها، بسبب كورونا، ثم تداعيات العمليات العسكرية التي أطلقتها روسيا في أوكرانيا المجاورة، في الرابع والعشرين من فبراير الماضي.
وذكر المصدر أنه بعد فترة الغلاء العصيبة، بدأ الناس فعلا يلتقطون الأنفاس، بفعل هبوط الأسعار الذي شمل إيجار الشقق والسيارات، وهما أمران يستنزفان الكثير من جيوب الأميركيين.
وتراجع التضخم في الولايات المتحدة، بينما عادت سلاسل الإمداد إلى ما يشبه وضعا طبيعيا، فيما استأنف المستهلكون بدورهم الإنفاق على أمور مثل وجبات المطاعم، مقابل إنفاق أقل على سلع كالمفروشات والحواسيب التي يجري استيرادها من الخارج.
وتظهر الأرقام، أن تكلفة إرسال حاوية بحجم 40 قدما من الصين إلى الولايات المتحدة تراجع إلى 1935 دولارا، أي أن الانخفاض وصل إلى 90 في المئة، لأن السعر كان يصل إلى 20 ألفا و586 دولارا في سبتمبر 2021.
وفي مؤشر على الانفراج، نقلت “واشنطن بوست”، عن المحلل الاقتصادي والمالي، ستيفن بليتز، أن أسوأ مرحلة من التضخم باتت بالفعل “وراء ظهور الأميركيين”، لكن السؤال المهم بحسب قوله هو أين سيستقر مستوى التضخم؟
الوصفة الأميركية
واعتمدت الولايات المتحدة على زيادة أسعار الفائدة أكثر من مرة لأجل كبح التضخم، والهدف من هذا الإجراء هو جعل الناس يعرضون عن الاستدانة قدر الإمكان.
والمبدأ القائم في الاقتصاد هو أن الناس يصبحون أقل قدرة على الاستهلاك، عندما يجدون صعوبة في اقتراض المال، وعندم ينفض الناس من حول السلع المتوفرة ويقل الإقبال، فإن ذلك يؤدي مباشرة إلى تراجع الأسعار.
وظل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة (البنك المركزي)، يرفع أسعار الفائدة منذ مارس الماضي، وسط رهان على أن يعيد نسبة التضخم إلى عتبة 2 في المئة، لكن مدير المؤسسة النقدية قال يوم الأربعاء إن هناك مؤشرات على إحراز تقدم بالفعل “لكن ما يزال من المبكر إعلان نصر في الوقت الحالي”.
وأوضح خبراء أن تقرير الوظائف الأميركية، الذي جاء أقوى من المتوقع، فيما لا يتوقع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يحقق هدفه بشكل كامل إلا بحلول سنة 2025.
ومن مؤشرات التعافي الملحوظ من التضخم، عودة الأميركيين إلى عاداتهم الاستهلاكية لمرحلة ما قبل وباء كورونا الذي انتشر في 2020، فأحدث ارتباكا غير مسبوق في اقتصاد العالم.
في غضون ذلك، يتوقع الخبراء انخفاضا أسرع لأسعار السلع، مقابل “انخفاض بطيء” بعض الشيء لأسعار الخدمات، مثل المطاعم التي تسجل مستوى تضخم سنوي قدره 6.7 في المئة، أي ما يزيد عن الضعفين، مقارنة بالرقم المسجل قبل سنة مضت.
ورغم هذا التراجع الملموس، لا يبدي المستهلكون ارتياحا كبيرا، إذ كشف استطلاع أجراه مكتب الإحصاء الأميركي أن 1 في المئة فقط من الأميركيين يقولون إنهم لاحظوا تراجعا في الأسعار، خلال الشهرين الماضيين.
وفي المنحى نفسه، قالت 15.7 في المئة من الأسر الأميركية إنها وجدت صعوبة كبرى لدفع مصاريف البيوت المعتادة، وهو رقم لا يختلف كثيرا عما كان مسجلا في يونيو الماضي، عند 15.9 في المئة.
لكن المدافعين عن السياسة النقدية في الولايات المتحدة، يقولون إن سياسة رفع الأسعار الفائدة ستستغرق وقتا أطول لتظهر نتائجها الإيجابية بشكل أكبر، لا سيما أنها فرضت في فترة اقتصادية عصيبة، فيما كان المعارضون ينبهون إلى مغبة أن تؤدي إلى انكماش اقتصادي.