تفاصيل الخطة
وأبرز زيلينسكي 3 نقاط رئيسية تضمنتها الخطة؛ وهي سحب روسيا لقواتها بشكل كامل من أوكرانيا، وعدم تقديم كييف أي تنازلات، وضمان أمن أوكرانيا ووحدة أراضيها.
ومهد زيلينسكي للخطة، عندما صرح قبل أيام، أنه في حال وافق الرئيس على التفاوض، فعلى الغرب دراسة توفير ضمانات أمنية لروسيا.
عرض غير واقعي
يرى مراقبون روس أن العرض الأوكراني غير واقعي ويتضمن شروطا لا تعكس توازن القوى بين موسكو وكييف، رغم التقدم الميداني للقوات الأوكرانية في خيرسون مثلا، لكن الروس يبقون الأقوى بمختلف المقاييس العسكرية والاستراتيجية.
في المقابل، ثمة من يرى أن الروس لم يتمكنوا من تنفيذ خطتهم عبر الحرب وخيار القوة، حتى باتوا قريبين من إتمام عام من الحرب، على وقع خسائر في الميدان، بينما فقدوا آلاف الكيلومترات في الشرق.
ويرى آخرون أن مجرد عودة زيلينسكي للحديث عن الحوار والتفاوض سبيلا لإنهاء الصراع داخل بلاده، يمثل مؤشرا إيجابيا بغض النظر عن تفاصيل ما طرحه من بنود ونقاط، كما أن الطرفين الروسي والأوكراني لا بديل أمامهما في المحصلة، سوى الركون للحلول الوسط السلمية والدبلوماسية، لا سيما أن الحرب تكاد تدخل عامها الثاني .
آفاق الأزمة
يقول الأستاذ بكلية الاستشراق بمدرسة موسكو العليا للاقتصاد، رامي القليوبي إن”خطة زيلينسكي للسلام تتضمن بعض المقترحات الواقعية كتلك المتعلقة بالأمن النووي والإشعاعي وأمن الطاقة والغذاء، لكنها تتضمن شروطا تعجيزية كالمطالبة بالوفاء بميثاق الأمم المتحدة واستعادة الأراضي الأوكرانية التي ضمتها روسيا بما فيها شبه جزيرة القرم، وسحب القوات الروسية من أوكرانيا قبل نهاية العام الجاري”.
وتابع الباحث في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أن تلك المطالب غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ عمليا، فـ”القرم مثلا ضمتها روسيا في عام 2014، ولذلك، فحتى الغرب لم يفرض آنذاك عقوبات قاسية على موسكو جراء ذلك، مكتفيا بعقوبات شكلية لحفظ ماء الوجه وتسجيل موقف”.
يضيف القليوبي “شروط زيلينسكي؛ وخاصة اقتراح سحب القوات الروسية من بلاده، غير قابلة للتطبيق كما أوضح الكرملين، حيث إن روسيا لم تخض حربا على مدى 10 أشهر لكي تنسحب بهذه السهولة، وهناك 4 أقاليم بأوكرانيا تم ضمها لروسيا وتثبيت ذلك الضم دستوريا”.
لكن قيام روسيا بضم أربع مناطق من أوكرانيا لم يحظ بالاعتراف الدولي، فيما امتدت نيران الحرب إلى شبه جزيرة القرم نفسها التي أُعلن عن ضمها في 2014.
سيناريوهات الحل الوسط
يضيف الباحث “لهذا، فحظوظ هذه الخطة بشكلها الحالي معدومة تماما، لكن في مرحلة لاحقة عندما تنهك الحرب الطرفين، يمكن التوصل لحلول وسط كالاعتراف الأوكراني الضمني بسيادة روسيا على دونباس؛ لوغانسك ودونيتسك شرقي البلاد، مقابل تخلي الروس عن بعض المناطق في مقاطعتي خيرسون وزابوروجيا الجنوبيتين”.
وأضاف أنه “لحفظ ماء الوجه، تستطيع روسيا حينها تبرير ذلك عبر تنظيم استفتاء حول ترسيم الحدود فيهما، ورغم أن هذه الحدود لن يكون معترفا بها دوليا، لكن كييف على سبيل التنازل، ستتجنب بالمقابل العمل على استرجاعها بالقوة، وليصبح الوضع أشبه مثلا بما هو قائم في جزر الكوريل المتنازع عليها بين طوكيو وموسكو، أو بالوضع في شمال قبرص أي بمعنى تجميد النزاع بلا تسوية وبلا اعتراف دولي بالأمر الواقع”.
خطة ولدت ميتة
من جانبه، يقول الكاتب والخبير في الشؤون الروسية بسام البني، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”، إن خطة زيلينسكي ولدت ميتة، كونه يطالب عبرها باسترجاع الأراضي الأوكرانية، وهو مطلب مرفوض كليا من قبل الروس الذين يعتبرونها أراض روسية”.
لكن ثمة من يتساءل حول التنازل الذي يمكن أن تقدمه روسيا أو تتفاوض بشأنه، في حال كانت مصممة على الاحتفاظ بكافة الأراضي التي سيطرت عليها في أوكرانيا، لأن التسوية وقتئذ تصبح مرادفا لـ”استسلام أوكراني”.
واستطرد الباحث أن الرئيس الروسي يستخدم تعبير نوفوروسيا أي روسيا الجديدة لوصف هذه المناطق والممتدة من خاركوف شمالا حتى أوديسا جنوبا.
ويضيف البني “الموضوع أكبر من أوكرانيا،، وشروط موسكو لإنهاء النزاع العالمي الدائر الآن وميدانه المسرح الأوكراني معروفة تماما، حيث إن صلب الخلاف يتعلق بالضمانات الأمنية التي تطالب بها موسكو من الغرب وحلف الناتو، وأهمها سحب المنظومات الصاروخية الأطلسية التي تم نشرها بعد العام 1997 في بلدان أوروبا الشرقية، ووقف نشر جنود الناتو في بعض تلك الدول مثل بولندا، حيث لا يعقل أن تقبل روسيا بوجود الناتو بهذا الشكل على حدودها”.
من جانبها، تقول واشنطن إن تدخل بوتن كان بدافع تطويق الناتو في أوروبا، لكنه قاد إلى نتيجة عكسية وهي توسع الحلف العسكري، بعدما قدمت السويد وفنلندا طلبا رسميا للانضمام، فيما وصلت الأسلحة الغربية بسخاء إلى أوكرانيا.