قفزة هائلة في معدلات “الهجرة الخطرة” في أوساط الأفارقة

3


وبعد ان تقطع السيارات الرباعية نحو 800 كيلومترا على مدى 4 إلى 5 أيام في اتجاهات مختلفة تصل إلى إحدى النقاط الحدودية مع الجزائر أو ليبيا حيث تفرغ حمولاتها البشرية وتترك ركابها في مواجهة المجهول.

وعبر أشخاص متخصصين في تهريب البشر ينقسم ركاب كل سيارة إلى مجموعات صغيرة للبدء في رحلة جديدة قد تنتهي بالوقوع في أيدي خفر الحدود الليبيين أو الجزائريين، أو بالوصول الناجح إلى أقرب منطقة مشاطئة للبحر الأبيض المتوسط داخل البلدين.

وبعد ترتيبات تتطلب الكثير من الوقت والمال والحذر، يبدأ الأفارقة وعبر الحلقة الثانية من المهربين رحلة جديدة عبر مراكب صغيرة على عرض البحر، وفي مخيلتهم أمران إما تحقيق الحلم الأوروبي أو كابوس الموت ونهاية حياتهم بين أمواج البحر المتلاطمة.

وفي الجانب الآخر، تتزايد معدلات البطالة في أفريقبا بشكل مقلق حيث وصلت في بعص البلدان إلى أكثر من 40 في المئة في ظل تراجع متوسط النمو السنوي في القارة من 4.1 في المئة في 2021 إلى 3.3 في المئة في 2022، وذلك بسبب الجائحة وموجات الجفاف الناجمة عن التغير المناخي، إضافة إلى تداعيات الإرهاب والحروب الأهلية والتحولات السياسية في معظم البلدان الأفريقية.

وفي هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي زمدينة نجاتو إلى تدهور الأوضاع في معظم الدول الأفريقية خلال العام 2022، بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتآكل القيمة الشرائية للأجور في ظل ارتفاع معدلات التضخم إلى متوسط 14.5 في المئة.

وأوضح نجاتو في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الأوضاع الاقتصادية الحالية تشكل تحديا كبيرا لمعظم سكان القارة.

ووفقا لنجاتو، فإن الصعوبات الاقتصادية في أفريقيا تعود لثلاثة أسباب رئيسية وهي:

  1. الانعكاسات السالبة للحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى تعطيل إمدادات الحبوب والطاقة.
  2. الانخفاض الكبير في أسعار صرف العديد من العملات الأفريقية بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة.
  3. الانعكاسات الناجمة عن الظروف المناخية السيئة في العديد من البلدان الأفريقية وخاصة في شرق أفريقيا والتي تسببت في فشل المحاصيل وأدت بالتالي إلى نقص الغذاء وزيادة الأسعار.

وتعتبر الهجرة واحدة من الوسائل التي يسعى الكثير من الأفارقة من خلالها إلى تغيير واقعهم والبحث عن الأفضل.

وفي حين يدرك الكثير من الشباب مآلات ومصاعب سلك طريق الهجرة غير الشرعية الخطر، إلا انهم لم يجدوا غيره في ظل تشديد السفارات الغربية في بلدانهم إجراءات منح تأشيرات الدخول خصوصا خلال العامين الماضيين، وذلك بسبب جائحة كوفيد 19، أو بسبب سياسات الهجرة الأوروبية الجديدة. لكن بالنسبة للكثيرين حتى أولئك الذين نجحوا في الوصول إلى أوروبا بالفعل فإنهم يكتشفون بعد سنوات من المعاناة أن الأمر لم يكن يستحق.

ويقول أحمد اغ الحسيني الذي وصل إلى فرنسا بعد أن غادر بلده مالي عن طريق ليبيا إنه واجه الكثير من المصاعب والمخاطر في رحلته.

ويضيف لموقع سكاي نيوز عربية “كانت تجربة مروعة اصطدمت بعدها بواقع آخر، فرغم حصولي على الإقامة بعد معاناة شديدة، إلا أنني لم أجد الوضع الذي كنت أحلم به قبل الهجرة”.

اما أيوبا طاهر الذي وصل إلى أوروبا بعد صراع مرير مع المهربين وأمواج البحر، فيقول لموقع سكاي نيوز عربية إن المهاجرين غير الشرعيين يتعرضون لابتزاز شديد من المهربين وحتى بعد الوصول الى أوروبا يواجهون مصاعب كبيرة في الحصول على اللجوء، أو تعديل أوضاعهم كما يحتاجون لسنوات طويلة حتى يتمكتوا من تعلم اللغة والحصول على عمل والاندماج في المجتمع الجديد.

 يقر الخبير و الباحث الاجتماعي موسى بادي بصعوبة الأوضاع في البلدان الأفريقية؛ لكنه يشير إلى أن تزايد نمط الهجرة غير الشرعية يعود في المقام الأول لنقص الوعي وغياب الدور الإعلامي.

ويوضح لموقع سكاي نيوز عربية “يلجا معظم الشباب من كلا الجنسين في أفريقيا إلى الهجرة إلى أوروبا او بلدان أخرى أملا في تغير واقعهم، لكنهم غالبا ما يصطدمون بحقائق كانت غائبة عنهم”.

ويضيف “سواء تغيرت أحوال بلدانهم أم لا؛ فإن حلم الهجرة و الوصول إلى بلدان الحلم والحياة السعيدة يظل يراود الكثير من شباب القارة رغم ما تذخر به من خيرات وثروات في ظل تركيز العديد من البلدان الأفريقية على ما ترسله بلدان الغرب من مساعدات إنسانية اغلبها مستخرج من خامات نفس البلد الذي عادت إليه كمساعدات”.