واعتبر محللون زيارة الوزير، التي تشمل إثيوبيا والغابون وأنغولا وبنين ومصر إضافة إلى مقري الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، رحلة استكشافية “ضمن مساعي الصين لتوسيع نفوذها خارجيا، في ضوء الحرب الباردة الجديدة مع الغرب”.
وتتهافت الدول الكبرى على قارة الإفريقية من أجل البحث عن موطئ قدم بها، وسط نفوذ صيني يتسع ومحاولات أميركية وروسية لسحب البساط.
ويساور الولايات المتحدة قلق كبير من التوسع المتزايد للنشاط التجاري الصيني في إفريقيا، وتعتبر الإدارة الأميركية أن حضور بكين في القارة سيفضي إلى توسيع النفوذ الاقتصادي لها.
وتعد الصين أكبر شريك تجاري رئيسي لقارة إفريقيا، ومستثمرا بارزا في مشروعات البنية التحتية والتعدين، حيث أظهرت بيانات الهيئة الوطنية العامة للجمارك أن التجارة بين الصين وإفريقيا وصلت إلى 254.3 مليار دولار في 2021، بزيادة 35.3 بالمئة على أساس سنوي.
لمن الغلبة في إفريقيا؟
وحول أهداف وتوقيت الجولة الصينية، قالت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الدولية والاستراتيجية إيرينا تسوكرمان لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الصين تعمل على توسيع نفوذها في أنحاء العالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا، موضحة أن “مثل هذه الزيارة، وهي الأولى لوزير الخارجية، تهدف إلى التأكيد على الصداقة بين هذه الدول والصين، ومع ذلك، في ضوء الانتقادات الموجهة لدبلوماسية فخ الديون يبدو أن هذه رحلة استطلاعية تعكس رؤية الصين لنفسها وعلاقتها بالعالم وموقعها التاريخي من إمبراطوريتها”.
واعتبرت المتحدث أن الرحلة ” لا تتعلق بإعادة تأكيد العلاقات الودية والطريقة التي تؤثر بها بكين على شعوب الدول المعنية، بل تتعلق أكثر بالرسائل السياسية رفيعة المستوى، وتحديد التوقعات من المساهمات المالية التي ستساهم بها الصين في الحكومات ومستوى التأثير السياسي داخل البلدان التي يمكن أن تتوقعها في المقابل”.
و”تتطلع الصين أيضا إلى تأكيد مكانتها كقوة عظمى في إفريقيا في ضوء الحرب الباردة الجديدة مع الغرب، لا سيما لتأكيد الوصول أو الاحتكار غير المقيد إلى معادن الأرض النادرة والموارد الطبيعية الأخرى في إفريقيا، التي لها أهمية خاصة لاقتصاد الصين والمصالح العسكرية”، وفق تسوكرمان.
وتستطرد الخبيرة الأميركية: “يشمل الصراع على النفوذ والموارد الطبيعية في إفريقيا العديد من البلدان، الصين وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة وإيران وتركيا وغيرها، ورغم حقيقة أن الصين وروسيا وإيران وتركيا متحالفون إلى حد كبير ضد المصالح المؤيدة للغرب، فإن كلا المعسكرين ليسا موحدين بشأن إفريقيا، وكل دولة معنية تسعى لتحقيق مصالحها المستقلة”.
وترى أن “الولايات المتحدة تعاونت مع فرنسا في عمليات محدودة لمكافحة الإرهاب ومستوى معين من جمع المعلومات العسكرية في إفريقيا، لكن بخلاف ذلك كانت لدى باريس رؤية قوية جدا لاستمرار النفوذ السياسي في غرب وشمال إفريقيا، في حين كانت الولايات المتحدة أكثر انفصالا”.
وتقول تسوكرمان إن الولايات المتحدة تسعى حاليا إلى إقامة علاقات فردية مع بعض الدول الإفريقية التي تركز على مصالح محددة، بما في ذلك الأمن، لكن “ليس لديها استراتيجية أو رؤية كبرى لزيادة وجودها أو حتى لتحقيق أهدافها الاقتصادية والأمنية، وهذا هو السبب في أن الصين ستهيمن على الأرجح على إفريقيا في السنوات المقبلة، كونها لديها الموارد والإرادة السياسية في القمة لمتابعة أجندتها، وتركز على التأثير الاقتصادي الفعال، وترك النشاط العسكري ومعارك مكافحة الإرهاب للآخرين”.
وترى أن الصين تعتمد على علاقات فعالة مع الحكومات الإفريقية، عبر دعم سخي لتشييد البنى التحتية التي تشتد الحاجة إليها في أنحاء القارة.
وختمت حديثها قائلة: “الغلبة في إفريقيا ستكون للصين، فالغرب، خاصة أميركا وفرنسا، ركزا حصريا على مكافحة الإرهاب والهيمنة السياسية المحدودة، من دون إحداث أي تأثير في مكافحة الإيديولوجيات المتطرفة ومحاربة الفساد، أو إنتاج تأثير اقتصادي إيجابي قابل للتطبيق، نتيجة لذلك طردت فرنسا إلى حد كبير من العديد من دول غرب إفريقيا، وحتى وقت قريب لم تأخذ الولايات المتحدة القضايا الإفريقية على محمل الجد على الإطلاق، لكن هناك لاعب جديد وهو اليابان التي تتطلع بشكل متزايد إلى العودة إلى وضع العالمية من خلال القوة الناعمة ومبادرات الأعمال”.