وباعتبارها رئيسة للجنة الوساطة الدولية التي رعت اتفاق السلام المبدئي الموقع بين الحركات الأزوادية والحكومة المالية في 2015، سعت الجزائر خلال الفترة الأخيرة لتحريك الاتفاق الذي لم ينفذ حتى الآن بسبب التطورات الجيوسياسبة المتلاحقة التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الثماني الماضية.
وتزايدت أهمية الحركات الأزوادية خلال السنوات الماضية حيث نشطت بقوة في التصدي للجماعات الإرهابية في شمال مالي، وخاضت عدة معارك أدت إلى تقليص نفوذ تنظيم داعش وحركات إرهابية أخرى اتخذت من الأراضي المالية نقطة انطلاق إلى غرب وشمال أفريقيا.
وفي لقاء جمعهم بالوسيط الجزائري، أكد قادة الحركات الأزوادية تمسكهم بالاتفاق باعتباره حجر الزاوية في الجهود المبذولة لتعزيز المصالحة والسلم وحفظ الاستقرار في مالي، لكنها طالبت بعقد اجتماع طارئ في بلد محايد بين تنسيقية الحركات الأزوادية والحكومة المالية.
وتتهم تنسيقيات الحركات الأزوادية والحكومة المالية بالتعنت وعدم الامتثال للقرارات و الاتفاقات المبرمة مع ممثلي القضية الازوادية.
وفي حين ظلت الحركات الأزوادية تلقي اللوم على سياسة فرنسا في المنطقة في عرقلة مصالح القضية الازوادية، يرى مراقبون ان خروج القوات الفرنسية من مالي في نهاية العام 2022 يمكن ان يعجل بحل الأزمة.
تسلسل تاريخي
- 1969: طالبت الحركات الأزوادية بالانفصال عن الشمال، ومنذ ذلك الوقت وحتى العام 1995 شهد شمال مالي معارك شرسة بين الأزواديين والجيش المالي الذي تشكل عقب الاستقلال، وتخللت تلك المعارك هدنات واتفاقيات سلام لم تصمد كثيرا.
- 1996: وقعت اتفاقية تمبكتو التي تخلى بموجبها الآلاف من المسلحين الأزواديين عن العمل العسكري ودمج بعضهم في صفوف الجيش المالي.
- أبريل 2006: بعد هدوء استمر 10 سنوات، انسحب ضباط أزواديون وطوارق مع عدد من الجنود من الجيش المالي، وقادوا تمردا في مرتفعات الجبال الشمالية، واحتلوا مدينة كيدال إحدى المدن الرئيسية في شمال مالي.
- أبريل 2012: حركات تحرير أزوادية تعلن استقلال مناطق تقع تحت سيطرتها في شمال مالي، وتشكل نحو ثلثي مساحة البلاد.
- مايو 2012: تعرضت مناطق الإزواديين لهجمات مزدوجة من القوات المالية وبعض الجماعات الإرهابية مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا وتشريد أكثر من 200 ألف من السكان.
- ديسمبر 2012: مجلس الأمن الدولي يجيز بالإجماع التدخل الدولي في مالي لاستعادة المناطق المنفصلة في الشمال.
- فبراير 2013: دخلت قوات فرنسية قوامها 4000 جندي إلى المدن الأزوادية، وذلك بعد حملات قصف جوي وبري مكثف.
- أبريل 2013 أعلنت فرنسا وقف عملياتها العسكرية في مالي وخفضت قوتها من أكثر من 4 آآلاف إلى ألفي جندي.
- يونيو 2013: توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الحركات الأزوادية والحكومة المالية.
- أبريل 2014: استضافت الجزائر وبدعم من الأمم المتحدة؛ محادثات سلام بين الحركات الأزوادية والحكومة المالية.
- مايو 2015: وقعت الحركات الأزوادية والحكومة المالية اتفاق سلام؛ لكنه لم ينفذ حتى الآن رغم مرور 8 سنوات على توقيعه.
أبرز نقاط اتفاق السلام
ينص اتفاق السلام الموقع في مايو 2015 بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية على:
- وقف العنف احترام الوحدة الوطنية وحقوق الإنسان وتعزيز سيادة القانون.
- تمثيل لجميع مكونات الشعب المالي في المؤسسات وتسهيل عودة وإدماج اللاجئين
- تخلي الأزواديين عن مطلب الانفصال عن مالي مقابل منحهم حكما ذاتيا موسع الصلاحيات.
- دمج مقاتلي الحركات ابإزوادية في الجيش الوطني.
- تنظيم مؤتمر عام للمصالحة خلال سنتين من توقيع الاتفاق.
ماذا يقول المراقبون
يرى الخبير الأمني المالي امادو أنه كان بإمكان الحكومات المالية المتعاقبة حل الأزمة منذ وقت مبكر، إذا ما لجات للتفاوض الجاد مع الحركات الأزوادبة والمجموعات الشمالية الأخرى خصوصا بعد نجاح قوات تابعة لهم في التزود بأسلحة متطورة.
يعتبر أمادون أن النزاع المالي الأزوادي نزاعا سياسيا و لا يمكن حله الا بمفاوضات جادة تناقش المشاكل الحقيقية الجوهرية للتوصل إلى تسوية نهائية.
ويعزي امادو التحركات الجزائرية الأخيرة إلى الدور القديم الذي ظلت تلعبه الجزائر في ملف الوساطة بين الحركات الأزوادية والحكومة المالية باعتبار معرفتها الكبيرة بالمنطقة وإلمامها بمشاكلها.
يشير استاذ العلوم السياسيه والمحلل الاستراتيجي الجزائري مراد بلحيمس إلى إن الجزائر لا تخفي اهتمامها بما يجري في منطقة الساحل الأفريقي، وبالوضع الأمني في مالي تحديدا.
ويوضح لموقع سكاي نيوز عربية “نظرا لما لها من عمق استراتيجي بالنسبة للامن القومي لها، و تسعى جاهدة للملمت الشمل و بث نوع من عوامل الثقة بين الاطراف المالية”.
يبدي الناشط الأزوادي اكلي محمد تخوفه من أن يواجه مستقبل اتفاق الجزائر الموقع في 2015 نفس مصير الاتفاقيات السابقة الموقعة في الاعوام 1992 و2007 ين الحكومة المالية والحركات الإزوادية والتي لم تصمد كثيرا.
ويقول محمد لموقع سكاي نيوز عربية إن فشل اتفاق 2015 سيكون له عواقب وخيمة على المستويين المحلي والإقليمي.
ويوضح “سيؤدي الفشل إلى زعزعة الأوضاع الأمنية، إذ سيؤدي إلى زيادة نشاط الجماعات المتطرفة المتواجدة في المنطقة؛ مستفيدة من الفراغ الذي يتركه الجمود السياسي والاقتصادي في شمال مالي”.
ويشدد محمد على ضرورة ان يظهر المجتمع الدولي قدرا أكبر من الجدية والالتزام بالتنمية المستدامة ومخاطبة جذور الأزمة.