ومع احتدام الحملة الانتخابية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، سجلت أكثر من 60 هجمة إرهابية في مختلف أنحاء نيجيريا راح ضحيتها نحو 80 شخصا؛ مما ألقى بظلال سلبية على السباق الانتخابي الذي يشارك فيه 18 مرشحا يتقدمهم بشكل لافت المرشحان أبوبكر أتيكو عن حزب الشعب الديمقراطي وبولا تينوبو من حزب المؤتمر التقدمي الحاكم والذي يحظى بقبول نسبي في أوساط الشباب.
وعلى الرغم من إقرارها بتردي الأوضاع الأمنية في البلاد؛ إلا أن مفوضية الانتخابات أكدت قيام الانتخابات في موعدها المحدد. وقال رئيس المفوضية محمود يعقوبو إن جميع المسجلين سيكونون قادرين على الإدلاء بأصواتهم.
لكن في الجانب الآخر؛ يقول مراقبون إن العملية الانتخابية برمتها قد تكون معرضة للخطر إذا لم يتم التعامل بحسم مع حالة انعدام الأمن أو الحد منها بشكل كبير وتشديد الإجراءات الأمنية على مراكز التصويت.
ويشارك في التصويت في هذه الانتخابات نحو 80 مليون ناخب من مجمل تعداد السكان البالغ نحو 180 مليون نسمة، و40 بالمئة منهم من الشباب دون ثلاثين عاما.
وفي ديسمبر، شن مسلحون هجوما عنيفا على مقر لجنة الانتخابات في ولاية إيمو بجنوب شرق البلاد؛ مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة النيجيرية خلال العامين الماضيين إلا أنها فشلت في كبح الهجمات التي تنفذها بشكل رئيسي جماعة “بوكو حرام” ومجموعات متطرفة أخرى، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 3 آلاف شخص في الأعوام الثلاثة الماضية وامتدت تأثيراتها لتشمل عددا من دول الجوار مثل الكاميرون والنيجر.
أهمية إقليمية ودولية
وتكتسب الانتخابات النيجرية أهمية إقليمية ودولية كببرة؛ إذ تعتبر نيجيريا أكبر اقتصاد وأكبر مركز ثقل سكاني في إفريقيا.
ووفقا لهوارد دبليو فرينش، المحلل في مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، فإن انتخابات نيجيريا تعتبر الأبرز من بين العديد من الانتخابات الرئاسية التي تجرى في عدد من بلدان العالم خلال العام 2023 وذلك نظرا لنفوذها الإقليمي المهم وسط المجتمع الدولي.
ويوضح فرينش أن نيجيريا تكتسب أهميتها من كونها مركز النشاط الاقتصادي الأكبر في القارة الإفريقية؛ كما يتوقع أن تقود الزيادة السكانية الأكبر في إفريقيا من 1.4 مليار نسمة حاليا إلى 4 مليارات بنهاية القرن الحالي، إذ يتوقع أن يتضاعف عدد سكانها ثلاث مرات إلى 580 مليون نسمة لتصبح ثالث أكبر قوة سكانية في العالم بعد الصين والهند.
تحديات تواجه الانتخابات النيجيرية
ويشير الصحفي والمحلل السياسي تلويت فيستوس إلى العديد من التحديات التي تواجه العملية الانتخابية النيجيرية، أبرزها الانفلات الأمني والقضايا الاقتصادية المتمثلة في ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 55 بالمئة وانخفاض الأجور وتآكل قيمة العملة الوطنية “النيرة”.
ويقول فيستوس لموقع “سكاي نيوز عربية” إن الفائز في الانتخابات سيكون أمام مواجهة التحدي الأمني المستعصى في ظل بيئة محلية تكتنفها الكثير من التعقيدات الإثنية والدينية.
ونظرا لأن الرئيس الحالي محمد بخاري، الذي حكم البلاد ثمانية سنوات هو مسلم يتحدر من الشمال، فإن “الجنوبيين المسيحيين في حزبه يرون أن الرئيس المقبل يجب أن يكون جنوبيا مسيحيا”.
ويبدو الأمر معقدا بعض الشيء؛ ففي حين رشح الحزب التقدمي الحاكم جنوبيا مسلما هو بولا تينوبو؛ إلا أن العامل الجغرافي الإثني قد يرجح كفة حزب الشعب الديمقراطي المنافس الرئيسي للحزب الحاكم والذي رشح شماليا مسلما هو أتيكو أبو بكر، الذي ينتمي إلى القومية الفولانية الأكثر نفوذا في الشمال الغربي.
ولا يقل التحدي الاقتصادي عن التحدي الأمني، حيث تعاني نيجيريا من ديون مثقلة قدرت في يونيو بنحو 103 مليارات وتصل تكلفة خدمة تلك الديون إلى نحو 102 بالمئة من الإيرادات المنهكة أصلا بفاتورة الدعم السلعي، التي تقدر بنحو 12 مليار دولار سنويا.