نشرت وكالة مراقبة الحدود الأوروبية “فرونتكس”، في الثالث عشر من يناير، أول أرقامها عن الهجرة غير الشرعية لعام 2022، حيث أظهرت تسجيل نحو 330 ألف دخول غير نظامي في عام 2022 وهو رقم قياسي لم يسجل منذ عام 2016.
وتعتبر طريق البلقان الأكثر شعبية من بين نقاط الدخول السبع إلى الاتحاد الأوروبي التي حددتها “فرونتكس”، يمر منها المهاجرون للوصول إلى أوروبا عبر ألبانيا وصربيا وكرواتيا أو المجر. فيما يعتبر الطريق الثاني الأكثر إقبالا هو وسط البحر الأبيض المتوسط، قبالة جزر صقلية وسردينيا الإيطالية، انطلاقا من ليبيا. ويمثل السوريون والأفغان والتونسيون معًا 47% ممن تم الكشف عن دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي بشكل غير قانوني.
لكن، يجب وضع هذه الأرقام في سياقها، وفقًا لخبير الهجرة واللجوء في الاتحاد الأوروبي والباحث في المعهد السويدي لدراسات السياسة الأوروبية، بيرند باروسيل.
ويؤكد لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “الرقم يمثل زيادة واضحة مقارنة بالعام السابق، يبدو أن عدد طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي ارتفع حتى لو كان هناك دائمًا بعض العد المزدوج”.
ولهذا السبب، تتحدث “فرونتكس” عن “الدخول غير النظامي للحدود” وليس عن “وصول 330 ألف مهاجر إلى الاتحاد الأوروبي”.
ومن ناحية أخرى، يعتبر الخبير في الهجرة واللجوء أن “الأرقام لا تبدو مرتفعة بشكل خاص بالنظر إلى حقيقة أن الاتحاد الأوروبي قد منح حماية مؤقتة لما يقرب من 5 ملايين شخص فار من الحرب في أوكرانيا”.
ورغم أن الرقم الجديد هو الأعلى منذ عام 2016، لكنه يظل بعيدا كل البعد عن أكثر من 1.5 مليون مهاجر وطالب لجوء سجلته “فرونتكس” في عام 2015 تزامنا مع اشتداد الحرب في سوريا.
ومع صدور أرقام “فرونتكس”، ستكون قضية الهجرة، على طاولة المناقشات يوم 25 يناير، في اجتماع وزراء الداخلية الأوروبيين بالسويد التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي حتى نهاية شهر يونيو المقبل.
وتسعى هذه الدولة الإسكندنافية إلى زيادة عودة المهاجرين في وضع غير نظامي إلى بلدانهم الأصلية على المدى القريب، بينما يتم تنفيذ 20% فقط من قرارات العودة على المستوى الأوروبي.
وهذا هو حال أسامة من تونس، الذي أمضى 7 سنوات في مدينة ليون الفرنسية دون أن يحصل على أوراق الإقامة، يعمل في مجال البناء بشكل غير قانوني.
وفي تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية” أوضح أنه وصل إلى فرنسا بعد دخوله إلى إيطاليا بستة أشهر “البداية كانت من باريس، حيث يقيم بعض أفراد عائلتي. اضطررت إلى تغيير المدينة في فترة تم تشديد الخناق فيها على المهاجرين غير الشرعيين. نمت في الشارع وعملت في البناء بشكل غير قانوني، لم يكن لدي عمل قار وبالتالي، لم أستطع الحصول على أوراق الإقامة. ومع أنه طلب مني الرحيل، لا أنوي العودة إلى بلدي”.
ويرى بيرند باروسيل أن “العديد من صانعي السياسة في الاتحاد الأوروبي يشعرون بالقلق من حقيقة أنه من الصعب فرض عودة طالبي اللجوء المرفوضين وغيرهم من الأشخاص الذين لا يحق لهم البقاء في الاتحاد الأوروبي”.
لذلك على حد قوله، “تريد العديد من الحكومات إحراز تقدم في هذا المجال، بما في ذلك السويد. مثلا، من خلال زيادة التعاون مع بلدان المنشأ أو ممارسة المزيد من الضغط عليها لقبول عودة مواطنيها. وتركز إحدى الأفكار التي تجري مناقشتها في جعل من الصعب على مواطني دولة معينة الحصول على تأشيرات، إذا لم تتعاون تلك الدولة بشكل كافٍ مع الاتحاد الأوروبي عند طلب العودة. وتتمثل فكرة أخرى في استخدام المساعدة الإنمائية أو قواعد التجارة كأداة لتحسين التعاون في إدارة الهجرة”.
ومقابل كل هذا الضغط، يبدو أن احتمالية تحقيق اعتماد “ميثاق الهجرة واللجوء” الذي قدمته المفوضية الأوروبية في سبتمبر 2020 قبل الانتخابات الأوروبية لعام 2024 تبقى أمرا غير مؤكد. إذ لا تزال نقاط الاختلاف حول إصلاح “نظام دبلن” وتوزيع طالبي اللجوء بين دول الاتحاد الأوروبي قائمة ولو أن نطاق استعمال قاعدة البيانات الأوروبية التي تحتوي على بصمات المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء قد تم توسيعه مع إنشاء فحص إلزامي جديد قبل دخول المهاجر إلى الاتحاد الأوروبي.
فالدول المطلة على البحر المتوسط تدعو إلى تقاسم المسؤولية ونقل بعض المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي المجاورة، لأن حكومات هذه الدول تشكو من العبء الذي تفرضه عليها “لائحة دبلن” التي بموجبها يكون بلد وصول المهاجر إلى الاتحاد الأوروبي مسؤولاً عن معالجة طلب اللجوء الخاص به.
وفي المقابل، لا تريد دول مثل بولندا والمجر على وجه الخصوص أن تسمع عن عمليات الترحيل ووصول العديد من طالبي اللجوء المسجلين بالفعل في بلد أوروبي آخر إلى أراضيها.
ولهذا لا يعول الخبير في مجال الهجرة في الاتحاد الأوروبي على “حل سريع”، لأن “هذا الإصلاح لا يزال قيد التفاوض ومن الصعب التنبؤ بما قد يبدو عليه الحل الوسط النهائي بشأن تقاسم المسؤولية”.