وقال ستولتنبرغ في خضم زيارته إلى اليابان، الأربعاء، إن نزعة الصين المتزايدة وتعاونها مع روسيا لا تشكل تهديداً لآسيا فحسب، بل لأوروبا أيضاً، ومن ثمّ يجب السعي إلى تعاون أقوى والمزيد من الأصدقاء لحلف شمال الأطلسي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ومع ذلك، وجّه العديد من الانتقادات إلى الصين بأنها تستثمر بشكل متزايد في الأسلحة النووية والصواريخ بعيدة المدى دون توفير الشفافية أو الانخراط في حوار هادف بشأن الحد من التسلح للأسلحة النووية، كما اتهمها بـ”استعراض قوتها على جيرانها وتهديد تايوان”.
وأجرى الأمين العام للناتو، زيارة لكوريا الجنوبية واليابان، بهدف تعزيز العلاقات العسكرية بين الجانبين وبحث سبل تنامي النفوذ الصيني في آسيا ومنطقة المحيطين الهندي والهادي.
وسرعان ما علقت بكين على تصريحات الأمين العام للناتو، إذ حثت الحلف على عدم “الصراخ بشأن التهديد الصيني” والتحريض على المواجهة الإقليمية، وفق ما أوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ.
وأضافت أن “منطقة آسيا والمحيط الهادئ ليست ساحة معركة للمنافسة الجيوسياسية، والمواجهة وعقلية الحرب الباردة ليست موضع ترحيب في المنطقة”.
وأكملت: “يتعين على الناتو التفكير في الدور الذي يلعبه لحماية أمن أوروبا”.
وثيقة الناتو
وفي وثيقة المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي الذي اعتمدها بقمة مدريد منتصف 2022، اعتبر الناتو أن الصين تشكل “تحدياً لمصالح دول الحلف وأمنها”.
وقال الحلف في وثيقته التي تحدد المبادئ التوجيهية لسياسته العامة، إن “طموحات الصين المُعلنة وسياساتها القسرية تتحديان مصالحنا وأمننا وقيمنا”، مضيفاً أن بكين “تستخدم مروحة واسعة من الأدوات السياسية والاقتصادية والعسكرية لزيادة نفوذها الدولي، فيما تبقى غامضة بشأن استراتيجيتها ونياتها وتعزيزها العسكري”.
وكانت هذه هيّ المرة الأولى التي تذكر فيها هذه الوثيقة الصين التي لم تدرج تاريخيا ضمن مهمة حلف شمال الأطلسي.
مخاوف الناتو من بكين
وتعليقا على التصريحات المتبادلة بين الناتو وبكين، يرى مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، والمسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، وليام ألبيركي، أن الأمين العام للناتو كان حريصا على زيادة الوعي بين الحلفاء حول الروابط المتعلقة بالسلام والأمن في القارتين الأوروبية والآسيوية، وصعود الصين وتأكيدها العسكري والدبلوماسي والاقتصادي المتزايد في عهد الرئيس شي.
وحدد ألبيركي طبيعة العلاقة ومستقبل الصراع بين الحلف والصين، في التالي:
- يقوم ستولتنبرغ بالتشاور الوثيق مع شركاء الناتو القدامى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا للتذكير بشأن مخاطر ما تفعله الصين.
- ذكر الناتو مخاطر الصين في عام 2019، وهو أول ذكر في بيان قمة منذ عام 1965، بما يعكس كل من الفرص والتحديات التي تقدم بها الصين وحشدها العسكري الذي استمر وازداد في السنوات الأخيرة.
- أدرج الحلفاء مراجع أكثر شمولاً في بيان بروكسل لعام 2021، ثم في بيان قمة مدريد 2022، وفي المفهوم الاستراتيجي للحلف اعترفوا بأن الصين تمثل تحديات منهجية للنظام الدولي القائم على القواعد وأمن الحلفاء.
- المواجهة أو الصراع ليس أمرا حتميا، إذ يمكن للصين أن تستمر في الازدهار ويجب عليها ذلك، لكن سيظل التشاور مع الناتو خطوة جيدة في هذا الصدد.
- توغلات الصين التجارية خارج آسيا وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والأسواق الأوروبية، خاصة في قطاع الاتصالات والبنية التحتية التجارية ومبادرة الحزام والطريق، أثارت المخاوف بين دول الحلف، لذا سارع في مناقشة التحديات التي تطرحها بكين باهتمام أكبر.
- لا أعتقد أنه سيكون هناك تغيير في طبيعة العلاقة خلال الفترة القليلة القادمة، سترد الصين على ما قاله ستولتنبرغ أثناء وبعد رحلته إلى المنطقة، لكن ستظل سياسات الحلف المنصوص عليها في بيان قمة 2021 والمفهوم الاستراتيجي لعام 2022، واضحة بالاعتراف بأن الصين تفرض تحديات طويلة الأجل يجب مواجهتها، مع السعي في الوقت نفسه إلى الحوار مع الصين وتعميق التعاون مع شركاء الناتو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
صراع دون مواجهة
ورغم تصريحات الأمين العام للناتو بشأن الصين، فإنه عاد للتأكيد على عدم السعي إلى المواجهة معها، بل مواصلة التعامل مع بكين بشأن القضايا التي نرى أنها مشتركة، مضيفا: “في الوقت نفسه، سنكون مقصرين إذا لم نكشف التحديات التي تشكلها الصين على أمننا وقيمنا ومصالحنا”.
وفي هذا الصدد، ترى الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية والقضايا الجيوسياسية، إيرينا تسوكرمان، أن الناتو يعتبر الصين بأنها حليف لروسيا، كما يتخوف من بعض الممارسات التي تقوم بها بكين لتعزيز أجندتها الجيوسياسية.
وأضافت أنه من المُنتظر خلال الفترة المقبلة أن نتابع تركيزا متزايدا من الدول الأعضاء بالحلف على تطوير نهج استراتيجي تعاوني لمواجهة حرب المعلومات في الصين، وجميع التحركات الاقتصادية والاستخباراتية والعسكرية الأخرى.