ويؤكد أبو الدهب لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الحياة تغيرت تماما في كييف بعد عام من الحرب، لم تعد مدينة نابضة بالحياة بعد خروج أعداد كبيرة من سكانها واختفاء مظاهر البهجة المعتادة، إلا أن مشاهد التكاتف بين السكان باتت طوق النجاة للتخفيف من وطأة التجربة القاسية”.
ولم يترك أبو الدهب الذي يحمل الجنسية الأوكرانية، كييف عقب اندلاع الحرب، مشيرا إلى أن المعيشة بدت صعبة للغاية في الأشهر الأولى من الهجوم الروسي خاصة مع محاولات اقتحام العاصمة التي باءت بالفشل.
ويضيف الرجل الخمسيني: “تأقلم الأهالي مع الأوضاع الجديدة غير المسبوقة في كييف. نتعامل بصبر لإيجاد حلول بديلة مع انقطاع الكهرباء ونقص الوقود بعد استهداف البنية التحتية ومصادر الطاقة في أوكرانيا. الشركات المعنية تعمل بإخلاص بحثا عن حلول سريعة”.
ويتابع أبو الدهب: “عانينا نقص الغذاء لفترات طويلة وارتفاع الأسعار وتكالب البعض على تخزين الأطعمة خوفا من استمرار الحرب، ثم حدثت انفراجة عقب توعية الإعلام الأوكراني للمواطنين عن أهمية الترابط والتوزيع العادل للمواد الغذائية، فضلا عن توافد المساعدات الأوروبية”.
أرقام صادمة
أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤخرا، العديد من الأرقام الصادمة عن واقع الحياة في أوكرانيا بعد عام من الحرب، ومنها:
• أكثر من 17 مليون شخص من سكان أوكرانيا يحتاجون مساعدات إنسانية.
• نحو 8 ملايين أوكراني فروا من ويلات الحرب ليستقروا في عدد من الدول الأوروبية.
• 30 بالمئة من الوظائف داخل أوكرانيا لم يعد لها وجود خلال عام الحرب.
• شهدت أوكرانيا نزوحا داخليا لأكثر من 5.4 مليون شخص من المناطق المنكوبة.
• دمرت شبكات المياه والطاقة وخطوط التدفئة أثناء الشتاء.
ملحمة شعبية
ويردف أبو الدهب: “شهدت كييف ملحمة في تضافر الجهود بين الجميع، سواء لاستقبال الوافدين من المدن الأخرى المنكوبة أو إعلان عدد من الفنادق تخصيص مساحة للمحتاجين للمبيت ومنح الطعام مجانا، بجانب اهتمام كل شخص بإتمام عمله في أحلك الأوقات، حيث نرى الأساتذة يستكملون دروسهم مع الطلبة أثناء القصف داخل الملاجئ”.
و”تلك الروح الإيجابية هي الدافع الأكبر في استمرار الحياة داخل أوكرانيا، رغم الآثار الكئيبة للحرب”، كما يعتقد الطبيب الفلسطيني المقيم في كييف فتحي النجار، الذي تحدث لموقع “سكاي نيوز عربية” عن معايشته الكثير من اللحظات المؤثرة بصورة يومية من خلال عمله.
ويقول النجار: “بقيت وعدد من زملائي من أجل رد الجميل لأوكرانيا التي احتضنتني لسنوات حتى حصولي على شهادة التخرج، وشاءت الأقدار أن أساعد كطبيب للأمراض الجلدية في إسعاف الإصابات الناتجة عن الحروق نتيجة القصف، ومنح المرضى العلاج اللازم”.
ويذكر الطبيب العشريني: “أساهم في المجهود الطبي في فترة الحرب لأن أوكرانيا بلدي الثاني. لا يقتصر عملنا على المساعدة الصحية فقط حيث نحاول تقديم الدعم النفسي لكافة المصابين خاصة القادمين من مناطق الشرق لتهدئة روعهم. يعانون نوبات هلع شديدة”.
ويشير النجار إلى افتقاده صخب المدينة وازدحامها بالعرب من المعارف والأصدقاء كما كان الحال قبل الهجوم الروسي، موضحا أن روتين يومه يقتصر الآن على عمله في المستشفى والعودة إلى بيته مبكرا مع زوجته الأوكرانية، واللجوء إلى المخابئ الآمنة عند سماع صافرات الإنذار المحذرة من وقوع قصف على المدينة.
وينهي النجار حديثه قائلا: “نتحلى بالأمل بعد مرور سنة على الحرب، نرى دعم العديد من الدول الكبرى لأوكرانيا ورغبتهم في عودتها مرة ثانية إلى بريقها. نتمنى النجاة من أهوال هذه المأساة واستقرار الأوضاع في القريب العاجل”.