وسلطت صحيفة “الصن” البريطانية، الثلاثاء، الضوء على هذا التفجير النووي، بعدما بات السلاح النووي مطروحا على الطاولة في خضم توتر العلاقات بين روسيا والغرب على خلفية حرب أوكرانيا التي دخلت عامها الثاني.
وجرى تفجير “قنبلة القصير” أو “ملك السلاح النووي” في 30 أكتوبر عام 1961، وولّدت قوة تزيد بـ 3300 مرة عن الطاقة التي أحدثتها القنبلة النووية الأميركية التي ألقيت على هيروشيما، إبان الحرب العالمية الثانية عام 1945.
وانتظرت روسيا، وريثة الاتحاد السوفيتي السابق، عقودا من الزمن حتى كشفت في عام 2020 لقطات سرية صورها الجيش الأحمر السوفيتي السابق للتفجير النووي الضخم، الذي جرى في منطقة روسية نائية في المنطقة القطبية الشمالية (المحيطة بالقطب الشمالي).
وقالت موسكو إن طبيعة المنطقة توفر أفضل الظروف لتنفيذ التجربة.
واعتبرت “الصن” أن التفجير الهائل بمنزلة تذكير قوي بالخطر الذي يواجه العالم بسبب السلاح النووي.
والمرة الوحيدة التي استخدم الإنسان فيها السلاح النووي كانت في الحرب العالمية الثانية، عندما ألقت الولايات المتحدة قنبلتين نوويتين على هيروشيما وناغازاكي، في أغسطس 1945، مما أسفر حينها عن مقتل عدد هائل من اليابانيين قدر بأكثر من 200 ألف.
وتقول روسيا مرارا إنها لن تستخدم السلاح النووي إلا دفاعا عن النفس.
الترسانة النووية العالمية
تملك 9 دول في العالم السلاح النووي، بعضها يقول ذلك علنا، ويُعرف عن البعض الآخر حيازته لهذا السلاح لكن لا يعبر عن ذلك علانية.
وأكثر دولتين تملكان هذا السلاح هما:
- روسيا تملك نحو 7000 رأس نووي.
- الولايات المتحدة تملك نحو 6780 رأس نووي.
وجرى اختبار “قنبلة القيصر” في خضم الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة، وأدت إلى إحداث تغيير في مسار تلك الحرب التي لم تستخدم فيها الأسلحة.
وأطلق المسؤولون السوفييت على تلك القنبلة لقب “المُنتج 602” ورمزه “إيقان”.
وكانت الغاية من إجراء هذه التجربة إظهار أن العلماء السوفييت وصلوا إلى نفس المستوى الذي كانت عليه الولايات المتحدة على صعيد القوة النووية التدميرية.
مواصفات القنبلة
وكانت مواصفات “قنبلة القصير” ضخمة للغاية:
- طولها 8 أمتار.
- عرضها متران.
- وزنها 27 طنا.
- قوة انفجارها بلغت 50 ميغا طن (ما يعادل 50 مليون طن من مادة تي أن تي شديدة الانفجار).
وتظهر اللقطات التي كشفت عنها روسيا في عام 2020، علماء سوفييت يعاينون القنبلة وتجهيزها للاختبار.
وبعد ذلك، نقلت القنبلة بالقطار إلى مطار عسكري، حيث أقلعت 3 طائرات حربية على الأقل، كان من بينها الطائرة التي تحمل القنبلة النووية صباح 30 أكتوبر 1961.
وألقيت القنبلة النووية على النقطة المحددة لها، وانفجرت على ارتفاع 3.8 كيلومتر، حيث انفتحت مظلة ألحقت بها للتخفيف من سرعة سقوطها.
آثار وصلت إلى 1600 كيلومتر
وكان انفجار القنبلة النووية هائلا إلى درجة أن وميضها الذي يُعمي الأبصار، شوهد على بُعد ألف كيلومتر من موقع الانفجار.
وأظهرت اللقطات سحابة من الغبار الجهنمي على شكل سحابة الفطر التي وصل ارتفاعها إلى 67 كيلومترا في السماء، وهو ما يفوق ارتفاع قمة جبل الإيفرست الشهيرة بـ 7 أضعاف.
وأدت الهزة الأرضية التي خلّفها الانفجار النووي إلى تدمير المباني في جزيرة قليلة السكان تقع على بعد 54 كيلومترا من موقع الانفجار.
وليس هذا فحسب، فقد أدى انفجار القنبلة النووية إلى إحداث شقوق في نوافذ مبان في أماكن تقع على بعد 1600 كيلومتر في فنلندا والنرويج.
وكان على متن القاذفة الاستراتيجية السوفيتية التي كانت تحمل القنبلة النووية “توبوليف- 95” 9 عسكريين، أبلغتهم السلطات العسكرية أن لديهم فرصة تصل إلى 50 في المئة للنجاة من الانفجار النووي.
وكانت القاذفة على بعد 38 كيلومترا من موقع التفجير عندما وقع الانفجار، ومع ذلك أدت قوته إلى دفع الطائرة نحو الأسفل 800 متر، وفي النهاية تمكنت من الهبوط بطريقة آمنة.
وكانت هناك طائرة ثانية تضم 5 علماء راقبوا الاختبار النووي. وكانت الطائرتان مطليتان بطلاء أبيض خاص ليعكس الاشعاع النووي.
لا يمكن استخدامها
وفي نهاية المطاف، قرر السوفييت لحسن الحظ، كما تقول “الصن”، عدم استخدام “القنبلة الوحش” نظرا لأنها كبيرة جدا بحيث لا يمكن استخدامها.
ووجدوا في الرؤوس النووية الأصغر بديلا لتصبح محور ترسانات الحرب الباردة فيما بعد.
وبحسب خريطة رسمها المؤرخ أليكس ويلرستين، فإن انفجارا نوويا قوته 50 ميغا طن قادر على تدمير مدينة مثل لندن وقتل 5.8 مليون إنسان وإصابة 3.4 مليون آخرين.