وكالات الاستخبارات الأميركية تحسم جدل “المرض الغامض”

3


وبحسب المصدر، فإن هذه الخلاصات تضع حدا لفرضية شاعت بقوة، حين سرى الاعتقاد بأن مئات الموظفين الأميركيين قد جرى استهدافهم على الأرجح، من قبل عدو سري، عبر سلاح من موجات الطاقة.

ويأتي هذا التقييم البارز والحاسم للمخابرات الأميركية، ثمرة لجهد قامت به وكالة الاستخبارات المركزية طيلة سنوات، إلى جانب وكالات استخباراتية أخرى.

وحاولت التحقيقات أن تعرف السبب وراء إصابة ديبلوماسيين وموظفين أميركيين باضطراب يؤدي إلى استشعار مؤلم في حاسة السمع.

وجرى وصف المرض بالغامض، بعدما أوقع عددا من الموظفين الأميركيين في اضطرب صحي موجع و”محير”، فيما استدعى علاجات ذات تكلفة باهظة.

وقال عدد ممن أصيبوا بالاضطراب الصحي إنهم كانوا ضحايا لهجمات متعمدة، من قبل دولة عدوة على الأرجح مثل روسيا، فيما حامت الشكوك أيضا حول كوبا.

ونقلت “واشنطن بوست” عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية، أن خلاصات التحقيقات، تخالف وجهة نظر المرضى بشأن تعرضهم لاستهداف مباشر.

وشاركت سبع وكالات استخباراتية في الولايات المتحدة، من أجل النظر في حالات نحو ألف حالة ممن عانوا “حوادث صحية غير عادية”.

وجرى استخدام وصف “حوادث صحية غير عادية” للإشارة إلى مزيج من الأعراض مثل صفير في الأذن، وحصول ضغط في الرأس، إلى جانب الغثيان والصداع، والشعور بانزعاج حاد وعدم الراحة.

وخلصت 5 وكالات استخباراتية أميركية، إلى أنه من “المستبعد للغاية” أن يكون “خصوم أجانب” مسؤولين عن حصول تلك الأعراض لدى المرضى، سواء عبر “عمليات موجهة” ومقصودة من خلال أسلحة طاقية، أو من خلال أنشطة أخرى كالمراقبة الإلكترونية.

ومن بين الاحتمالات التي خضعت للدراسة، أن تكون المراقبة الإلكترونية للديبلوماسيين والموظفين الأميركيين قد أصابتهم بالمرض، دون أن يكون الأمر مقصودا، لكن تبين أن الأمر لم يكن كذلك.

وتحدث المسؤولان الأميركيان لصحيفة “واشنطن بوست”، دون ذكر اسمهما، نظرا لحساسية الموضوع وعدم كونهما مخولين للحديث عن الأمر بشكل علني ورسمي.

بحث مضن وخلاصات شائكة

وقد امتنعت إحدى الوكالات عن التصويت في استنتاجها بشأن مسؤولية طرف أجنبي عن “متلازمة هافانا”، لكن لم تعارض أي وكالة الاستنتاج القائل بأنه من غير الممكن أن تقف جهة أجنبية خلف هذه الأعراض التي ظهرت لأول مرة في سفارة الولايات المتحدة في هافانا في عام 2016.

وقال المسؤولون إنه أثناء فحص المحللين لمجموعة من الحالات المبلغ عنها، بما في ذلك في السفارات الأميركية، لم يجدوا نمطا أو مجموعة مشتركة من النقاط التي يمكن أن تربط بين الحالات الفردية.

كما أنهم لم يعثروا على أي دليل، بما في ذلك معلومات الطب الشرعي أو بيانات تحديد الموقع الجغرافي، من شأنه أن يشير إلى أن أي جهة أجنبية استخدمت شكلا من أشكال الطاقة الموجهة مثل موجات الراديو أو الحزم فوق الصوتية.

وقال أحد المسؤولين إنه حتى في المواقع الجغرافية التي تتمتع فيها المخابرات الأميركية بقدرة تامة على مراقبة البيئة بحثا عن علامات التدخل “الخبيث”، لم يجد المحللون أي دليل على أن الخصم يستهدف الأفراد.

وأضاف المسؤول أنه لا توجد معلومات استخباراتية تفيد بأن القادة الأجانب، بما في ذلك في روسيا، لديهم أي علم أو سمحوا بهجوم على أفراد أميركيين يمكن أن يفسر الأعراض.

وقال مسؤول آخر إن المحللين أمضوا أشهرا في تغيير البيانات والبحث عن أنماط، وابتكار منهجيات تحليلية جديدة، فقط للتوصل إلى أي تفسير معقول.

وأكد المسؤولان أن مجتمع المخابرات ما يزال منفتحا على الأفكار والأدلة الجديدة، وأنه إذا ظهرت معلومات تفيد بأن خصما أجنبيا قد أحرز تقدما في تطوير سلاح يمكن أن يسبب بأي شكل من الأشكال  أعراضا مشابهة، فقد يدفع ذلك في تعديل المحللين لتقديراتهم.

التحدي الأكثر تعقيدا

وأكد المسؤولون الأميركيون أن وكالات الاستخبارات خصصت موارد غير عادية للبحث عن سبب محتمل للأعراض التي عانى منها الدبلوماسيون الأميركيون على مر السنوات الماضية.

إذ تم إنشاء مجموعة مخصصة يعمل بها محللون متمرسون ويقودها ضابط كبير في وكالة المخابرات المركزية لدراسة القضية، التي وصفها المشاركون في التحليل بأنها التحدي الأكثر تعقيدا وصعوبة في حياتهم المهنية.

كما كرست وكالة المخابرات المركزية ووكالات أخرى المزيد من الموارد لتوفير الرعاية الطبية للموظفين المصابين، وهي خطوة أشاد بها بعض المصابين، قائلين إنه في السنوات الأولى التي تم الإبلاغ فيها عن الأعراض، عولجوا بتشكك من قبل المديرين وخبرائهم الطبيين.

كما أن إدارة بايدن أعلنت أنها ستواصل ضمان حصول الموظفين على الرعاية الطبية، وأنها ستعالج الطلبات بموجب قانون يعوض موظفي الحكومة الذين عانوا من الأعراض، وفي بعض الحالات اضطروا إلى التوقف عن العمل. وسيكون بعض الأفراد مؤهلين للحصول على تعويضات تقدر بستة أرقام.

وتتماشى استنتاجات التقرير النهائي مع تقييم مؤقت سابق أجرته مجموعة الوكالات ذاتها، والتي وجدت أن الحوادث الصحية ربما لم تكن من عمل دولة أخرى تشن هجوما عالميا.

إذ قال مسؤول كبير في وكالة المخابرات المركزية في ذلك الوقت، إنه من غير المرجح أن تقوم جهة أجنبية، بما في ذلك روسيا، بشن حملة عالمية مستمرة تضر بالعاملين الأميركيين بسلاح أو آلية.