وتبدو مساعي تجديد الاتفاقية ملبدة بالغيوم، بينما يحدد خبراء تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية”، المتسببين في أزمة الحبوب -حسب تقديرهم- وتبعات عدم تجديد الاتفاقية على سوق الغذاء العالمي.
الاتفاقية، المعروفة كذلك باسم “مبادرة حبوب البحر الأسود”، وقعتها روسيا وأوكرانيا في 22 يوليو 2022، بوساطة تركية وبإشراف الأمم المتحدة، وتقضي بتسهيل تصدير الحبوب الأوكرانية المكدسة في الصوامع والموانئ نتيجة الحرب.
وبعد مفاوضات عسيرة، تم تجديدها في نوفمبر لمدة 120 يوما، قابلة للتجديد إن لم يعترض أحد الأطراف، إلا أن وزارة الخارجية الروسية أعلنت الأربعاء، أنها لن توافق على التمديد “إلا إذا وُضعت مصالح المنتجين الزراعيين الروس في الاعتبار”.
اتفاق على المحك
ويتوقع الأكاديمي الروسي في السياسة الدولية، ديميتري فيكتوروفيتش، فشل التجديد، متهما الدول الغربية بأنها “حصدت من وراء الاتفاقية مكاسب على حساب قطاع الزراعة الروسي”.
يبني فيكتوروفيتش تشاؤمه بشأن مستقبل الاتفاق على 3 أسباب، حسب تقديره، هي:
- استخدام الغرب ميناءين مرتبطين بـ”صفقة الحبوب”، لإيصال مواد مشعة إلى أوكرانيا.
- عدم حسم ضمانات وصول المنتجات الزراعية الروسية والأمونيا إلى الأسواق العالمية.
- استمرار “التوزيع غير العادل” للحبوب التي تخرج من الموانئ؛ حيث يستفيد منها الغرب وحده.
وفيما يتعلق بـ”من استفاد أكثر من الاتفاقية”، يرى الأكاديمي الروسي أن “صفقة الحبوب نفسها جزء لا يتجزأ من اتفاقية، تنص من بين أمور أخرى، على رفع القيود عن الصادرات الروسية من المواد الغذائية والأسمدة، إلا أن الغرب يتهرب من ذلك حتى الآن”.
وتسببت الحرب التي اندلعت في فبراير 2022 في إغلاق موانئ أوكرانية، بعضها في أراضٍ سيطرت عليها روسيا؛ مما أسهم في أزمة وصول المواد الغذائية من البحر الأسود إلى الأسواق العالمية، ومن بينها القمح.
تبعات الانسحاب الروسي
وأتاحت الاتفاقية تصدير نحو 20 مليون طن من الحبوب، حسب مستشار المركز العربي للدراسات والخبير في الشؤون الاقتصادية، أبو بكر الديب، الذي يتخوف من أن انسحاب روسيا من الاتفاقية والعودة لوقف التصدير “قد يسبب مجاعة في عام 2023”.
وتفصيلا، يرسم الديب خطوطا عريضة لما ينتظر أسواق الغذاء، إن لم يتم تمديد الاتفاقية، بالقول:
- قد يدخل ملايين الأشخاص في 41 دولة تحت خط الفقر المدقع.
- ارتفاع معدلات الجوع لـ1.5 مليار شخص؛ لما تمثله روسيا وأوكرانيا من ثقل في سوق الحبوب العالمية.
- ارتفاع أسعار الغذاء ومعدلات التضخم عالميا، سيؤدي إلى توسيع مساحة التوترات الجيوسياسية والنزاعات بين الدول.
- قد يطيل هذا أمد الحرب؛ لأن كييف قد تستغل تعطل الاتفاق وأزمة الغذاء في الضغط على العالم لفتح خزائن أسلحته وأمواله أمامها، لدعم جيشها في طرد روسيا من الأراضي الأوكرانية.
وتتبادل موسكو وواشنطن الاتهامات بشأن المتسبب في الأزمة الغذائية، ففيما تقول واشنطن وحلفاؤها إن موسكو السبب لأنها أشعلت “حربا غير مبررة”، ترد موسكو بأن خصومها هم السبب لأنهم “حرضوا” أوكرانيا على رفض التفاوض مع روسيا قبل الحرب، ويمدونها بالأسلحة الكافية لإطالة أمد الحرب بعد اشتعالها.
ونهاية الأسبوع، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الغرب “دفن بلا خجل” اتفاقية تصدير الحبوب، بينما رد نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، بأن موسكو تسببت “بشكل متعمد وممنهج في تأخير شحنات الحبوب، وابتزاز العالم بسلاح الغذاء”.