ومع وصول الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى روسيا، مؤخرا، حيث التقى نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، أثيرت التساؤلات الأميركية حول مآل العلاقات “الدافئة” بين موسكو وبكين.
وتساءلت صحيفة “نيويورك تايمز”، حول طبيعة العلاقات بين روسيا والصين، وما إذا كان البلدان حليفين فعليين في الوقت الحالي، أم إنها بلدان صديقان يجمعهما موقف يكاد يكون “متطابقا” حيال واشنطن.
وأضافت أن الصين وروسيا ليسا حليفيان حتى اليوم، نظرا لعدم وجود التزام بينهما يقضي بأن يبادر كل طرف إلى الدفاع عن الآخر في حال اقتضى الأمر.
لكن الدولتين اللتين تجمعهما “شراكة استراتيجية” مضيتا إلى حد بعيد في تقوية العلاقات الثنائية، بينما تواجه روسيا محاولات غربية دؤوبة لأجل عزلها وخنق اقتصادها.
ولا يخفي المسؤولون الصينيون أنفسهم تنامي العلاقات مع روسيا، واصفين إياها بالعلاقات التي ارتقت إلى أعلى مستوى تاريخي لها.
أما النقطة الجامعة بين الدولتين، بحسب “نيويورك تايمز”، فهي محاولة إضعاف القوة والنفوذ الأميركيين.
وأضاف المصدر أن العلاقات بين بكين وموسكو لم تكن دافئة على الدوام، لأن البلدين كانا خصمين كبيرين مع بعضهما البعض خلال الستينيات من القرن الماضي، وبلغ الأمر حد اندلاع حرب بينهما سنة 1969 بسبب خلافات حدودية، وسرت المخاوف وقتئذ من وقوع استعراض للقوة النووية.
فضلا عن ذلك، تنافس البلدان على كسب النفوذ في منطقة آسيا الوسطى الذي ظل الكرملين ينظر إليها بمثابة مجال حيوي للغاية، بينما تبدي الصين متزايدا اهتماما بهذه المنطقة.
وتنظر بكين باهتمام لمنطقة آسيا الوسطى، في مسعى لتأمين عدد من المصالح الجيوسياسية والاقتصادية، حيث تبني الصين سككا حديدية وطرقا سريعة وخطوط أنابيب للطاقة في جمهوريات سوفياتية سابقة مثل كازاخستان وأوزبكستان، علما بأن تلك الدول ما زالت تعتمد بشكل كبير على روسيا في مجال الأمن.
صديقان ولكن..
قبيل بدء الحرب في أوكرانيا، كان الرئيسان بوتين وشي قد أكدا أن العلاقات بين موسكو وبكين لا حدود لها، في إشارة إلى متانة التعاون الثنائي.
وطالما وصف الرئيس الصيني شي نظيره الروسي بوتين بـ”الصديق المفضل”، ولم يتوان الصديقان خلال منتدى اقتصادي في روسيا سنة 2018 عن الظهور وهما يحضران فطائر الـ”بانكيك” بانسجام أمام عدسات الكاميرا.
وفي الجانب الروسي، تبدو الصين مثل شريان حياة لا غنى عنه من أجل الوقوف في وجه العقوبات الغربية، وهذا الأمر جعل بكين تشتري نصيبا مهما من منتجات الطاقة الروسية.
واختارت الصين ألا تدين روسيا بسبب العمليات العسكرية التي أطلقت في أوكرانيا، رغم كون الصين معروفة بسياستها المدافعة عن الحدود الوطنية ومناوءة النزعات الانفصالية.
لكن بكين لا تضع البيض بأكمله في سلة الصديقة روسيا، لأن بكين لديها مصالح اقتصادية كبرى في العالم، وهي حريصة على ألا تؤدي الأزمة إلى تقويض المشاريع التي أطلقتها على نطاق واسع.
ويرى خبراء أن الصين غير قادرة أيضا على التضحية بمصالحها الاقتصادية الكبرى مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، مهما ازدادت العلاقات وثوقا مع موسكو.