وكشفت التسريبات عن بعض المواد الأكثر حساسية لأمن واشنطن وحلفائها، على غرار خرائط الدفاعات الجوية الأوكرانية، إضافة إلى خطط كوريا الجنوبية السرية لتقديم 330 ألف قذيفة ستستخدم في الحرب، في وثائق يبدو أن عمرها 40 يوما على الأكثر.
وجرى نشر صور الوثائق السرية التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا، على موقع “ديسكورد”، وهي منصة دردشة شائعة لدى لاعبي الألعاب الإلكترونية، في يناير الماضي، قبل أن يجري تداولها بشكل أوسع على منصتي تويتر وتلغرام، مطلع أبريل الجاري، الأمر الذي لفت انتباه السلطات الأميركية لأول مرة بالتزامن مع نشرها في عدد وسائل الإعلام.
متى علمت الإدارة الأميركية؟
* أشار موقع “بيلينغكات” الاستقصائي، إلى أن عددًا من الوثائق التي جرى الإبلاغ عنها متداول على الإنترنت منذ يناير 2023.
* قال مسؤولان مُطلعان بالإدارة الأميركية لصحيفة “بوليتيكو”، إنه “لم يكن أحد في الحكومة الأميركية يعلم بوجود تلك الوثائق خلال هذه المدة.. ونود جميعًا أن نفهم كيف حدث ذلك”.
* جرى إطلاع كبار المسؤولين داخل جهاز الأمن القومي الأميركي على الوثائق في 6 أبريل، وهو نفس اليوم الذي أبلغت فيه صحيفة نيويورك تايمز عن التسريب لأول مرة، وفقًا لمسؤولين أميركيين كبار، فيما بدأت إدارة بايدن النظر في التسريب الأسبوع الماضي فقط.
* دفع هذا التأخير إلى المطالبة بالكشف عن سبب استمرار هذا الاختراق دون أن يلاحظه أحد لفترة طويلة، بما يشير إلى وجود نقطة مجهولة كبيرة على الإنترنت في عملية جمع المعلومات الاستخباراتية الأميركية.
* تؤكد السلطات الأميركية أنها لا تتجسس على مواطنيها، ومن ثم فإن مراقبة هذه المنتديات عبر الإنترنت، حتى بالنسبة للمواد المسربة بشكل غير قانوني، تندرج ضمن هذا الإطار.
* لا يزال من غير الواضح كيف انتهى الأمر بالوثائق على الإنترنت في الأيام الأخيرة، بما في ذلك على منصتي تويتر وتلغرام، لكن يمكن إرجاع الأمر إلى مجموعة صغيرة من المستخدمين على تطبيق المراسلة المعروف باسم “ديسكورد”، إذ بدأ أحد المستخدمين الذي حذف ملفه الشخصي منذ ذلك الحين، أولاً في نشر المعلومات في شكل ملخص مكتوب في وقت ما في فصل الشتاء.
* بداية من يناير، بدأ المستخدم في نشر صور لما بدا أنه مستندات داخلية سرية للولايات المتحدة تمت طباعتها وطيها إلى نصفين، وجرى تصنيف بعضها على أنها “سرية وسرية للغاية”.
* في مارس، أعاد أحد المستخدمين من منصة “ديسكورد” نشر الصور على مجموعة ثانية على المنصة المعروفة باسم “WowMao”، وبعدها ظهرت الوثائق على مواقع التواصل الاجتماعي بما في ذلك تويتر وتلغرام.
حرب معلومات
من جانبها، تحدثت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الدولية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان لموقع “سكاي نيوز عربية”، قائلة إنها كما هو الحال مع منطاد التجسس الصيني، فمن المحتمل أن تكون الولايات المتحدة على علم بالوثائق المسربة منذ فترة، لكنها أدركت أنه نظرا لأن الضرر قد حدث بالفعل، لم يكن هناك الكثير لتفعله.
وحددت الخبيرة الأميركية مدى الضرر الذي لحق بأجهزة المعلومات الأميركية، في عدد من النقاط:
*على الأرجح أن البيت الأبيض حصل على بعض التقارير من وكالات المخابرات والبنتاغون حول الخرق الأمني وعن تلك الاكتشافات.
* ومع ذلك، وعلى مستوى السياسات الأعم، فهناك انتقاد للأجهزة الأميركية في هذا التسريب بوجود ضعف في فهم أساسيات التجسس المضاد، فمثل الضرر الذي تحدثه هذه التسريبات لا يمنح الخصوم إمكانية الوصول إلى المعلومات فحسب، بل يمكن استخدامها لإلحاق الضرر بالعلاقات مع الحلفاء والترويج لأخبار كاذبة.
* علاوة على ذلك، وكما هو الحال في عدد من المواقف السابقة، فمن المحتمل أن تتستر الحكومة الأميركية على حقيقة أنها كانت على علم بالتسريبات قبل ذلك بكثير ولكنها فشلت في اتخاذ إجراء مناسب.
* العديد من المسؤولين على يقين أن المعلومات تم تمريرها في وقت مبكر من قبل العديد من الأشخاص في مجتمع الاستخبارات، لكن حكومة الولايات المتحدة لم ترغب في الاعتراف بفشل استخباراتي آخر أو لم تأخذ التسريب على محمل الجد.
* هذا الموقف سيؤدي بالتأكيد إلى إعادة تقييم الإدارة لموقفها من التجسس المضاد والاتصالات والتوقف عن ارتكاب أخطاء يمكن تجنبها لأنها تعزز جهود الدعاية لخصومها.
مراقبة الإنترنت
ويعتقد المسؤول السابق بوزارة الأمن الداخلي، جون كوهين، إن الوكالات الحكومية لا تراقب بشكل استباقي المنتديات على الإنترنت بحثًا عن الأنشطة المتعلقة بالتهديدات، وبالتالي إذا قام شخص أو كيان بنشر معلومات سرية في أحد هذه المنتديات، فهناك احتمال كبير بأن المسؤولين الحكوميين لن يكتشفوها.
وأوضح أنه على مدى السنوات العديدة الماضية، أصبحت العديد من الوكالات الحكومية على دراية بالجانب الإيجابي المحتمل لمراقبة منتديات محددة عبر الإنترنت، ومع ذلك، تكمن المشكلة في وجود قيود قانونية معينة على ما يمكن أن يفعله المسؤولون الحكوميون لتتبع نشاط الأميركيين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وشدد على أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يُسمح له بفحص مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الأخرى عبر الإنترنت لمراقبة النشاط عندما يفتح قضية معينة.