ومنذ الشهر الماضي، استقبل الرئيس الصيني، شي جين بينغ، زعماء وقادة دول من إسبانيا وسنغافورة وماليزيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي.
ووصفت شبكة “سي إن إن” الأميركية هذه الديناميكية الدبلوماسية الحاصلة في بكين بغير المعهودة، بينما يحاول العالم أن يتجاوز التبعات الاقتصادية لوباء كورونا وأزمة أوكرانيا.
ويوم الجمعة، تضم قائمة الضيوف في بكين، الرئيس البرازيلي، لويز إنداسيو لولا دا سيلفا، وسط ترقب لأن يوقع عددا من الاتفاقيات الثنائية مع نظيره الصيني في مجالات متنوعة مثل الزراعة والتكنلوجيا.
ويرى متابعون أميركية أن الصين تنظر إلى هذا الحراك الدبلوماسي بمثابة فرصة لتأكيد وجهة نظرها القائمة على عدم “الخضوع للقواعد والإملاءات الأميركية”، في حين رفضت بكين أن تدين العمليات العسكرية التي أطلقتها روسيا في أوكرانيا المجاورة في فبراير 2022.
وتأتي هذه الدينامية، بحسب “سي إن إن”، بعدما كانت الصين في حالة أقرب إلى الانكفاء الدبلوماسي خلال السنوات الثلاث الماضية، بسبب اتباع مقاربة “صفر كوفيد” التي جرى التخلي عنها في البلد الآسيوي، بعد احتجاجات شعبية.
يقول الباحث في العلاقات الدولية بجامعة “نانيانغ” السنغافورية، لي مينجيانغ، إن قادة الصين ينظرون إلى الوقت الحالي بمثابة اللحظة الأنسب لوضع الخطط الاستراتيجية الخاصة بهم.
“دق الإسفين”
متابعون غربيون يرون أن الصين تتخذ هذه الزيارات والقمم في بكين مناسبة لتبعث برسالة ضمنية إلى واشنطن، عبر انتقاد “نزوع الهيمنة” وفرض الرؤى على الدول.
ولدى حديثه إلى رئيس الوزراء السنغافوري، لي هسين لونغ، الشهر الماضي، شدد الرئيس الصيني على ضرورة أن ترفض الدول الآسيوية ما وصفه بالابتزاز وضرب سلاسل الإمداد.
أما عند لقاء رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، فجرى التأكيد على أن تطور العلاقات الصينية الأوروبية يستوجب أن تحافظ أوروبا على استقلالها الاستراتيجي.
وربما تستفيد الصين من هذه الدينامية لأن الدول الأوروبية والغربية “ليست على قلب رجل واحد” في الموقف من أزمة أوكرانيا ومدى الدعم العسكري الذي ينبغي تقديمه لكييف، لا سيما بعد دخول الحرب عامها الثاني.
وفي أحدث “ضربة” لواشنطن، لم يتردد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي زار بكين، في القول إن أوروبا ينبغي ألا تكون طرفا في الخصومة بين الصين والولايات المتحدة.
وعندما سألته الصحافة في وقت لاحق، لم يتردد ماكرون في التمسك بما قاله، وصرح بأن التحالف لا يعني التبعية.
وفي هذا المنحى، يرتقب أن تزداد العلاقات الصينية البرازيلية دفئا، لا سيما بعد مجيء رئيس يساري، فيما كانت قد ساءت خلال إدارة الرئيس اليميني السابق، جايير بولسونارو.
وفيما تراهن بعض الأصوات على أن يكون هذا الحضور الدبلوماسي للدول الغربية في بكين عنصرا مساعدا على تسوية الأزمة في أوكرانيا، ثمة من يرى في المقابل، أن الصين حريصة بالفعل على شراكتها مع الأوروبيين، لكن عندما يتعلق الأمر بروسيا فهي “شريك لا يعوض”، ولن تتنازل موسكو عن موقفها من الأزمة، مهما تعددت المحاولات وزادت الضغوط.