وبينما ارتفعت درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 1.2 درجة مئوية بسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أشار مدير وكالة الأمم المتحدة للأرصاد الجوية والمناخ بيتيري تالاس، إلى أن “أوروبا هي أكثر منطقة في العالم تشهد تسارُعا في ارتفاع درجات الحرارة”.
وكانت الوكالة الدولية قد أعلنت في نوفمبر الماضي، أن أوروبا شهدت ارتفاعا في درجة الحرارة بنسبة 0.5 درجات لكل عقد، أي أسرع بمرتين من متوسط مناطق الأرصاد الجوية العالمية الخمس الأخرى.
لماذا أوروبا؟
يقول عضو الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة أيمن قدوري، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
- تصدرت أوروبا وخاصة دول جنوب ووسط القارة، قائمة الدول الأكثر تضررا جراء تسارع عملية التغير المناخي خلال عامين فقط، حيث أن معدل ارتفاع درجة الحرارة فيها تجاوز حاجز 1.5 درجة مئوية المقر في إطار اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، بل ووصل للمعدل المتوقع للاحترار عام 2030، والبالغ 2.3 بوتيرة أسرع بكثير من المتوقع.
- شهدت أوروبا صيفا قاسيا في 2022، تميز بارتفاع درجة الحرارة بمقدار لم تسجله السجلات المناخية، منذ بداية عملية التسجيل قبل 500 عام تقريبا.
ذروة التراكم
- تفاقم الأزمات المناخية في القارة العجوز وحول العالم يكاد يصل لنقطة ذروة التراكم، وعندها لن يكون بوسع بلدان العالم سوى محاولة تحجيم الخسائر ومعاينة الأضرار والبحث عن سبل وقائية لا أكثر.
- هذا التوجه شرعت به دول أوروبا بعد موجة الحر خلال الصيف الماضي، مع سعي متأخر جدا من بعضها لتطبيق بنود اتفاقية باريس وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
أسباب هذا التسارع بارتفاع معدلات الحرارة الأوروبية يعود لجملة من العوامل، وفق الخبير البيئي وفي مقدمتها:
- الانبعاثات الغازية الناتجة من الصناعات النفطية وأبرزها غاز الميثان الذي يشكل 30 بالمئة من مشاكل الاحترار، والعودة لاستخدام الفحم والوقود الأحفوري على وقع الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة.
- الحركة الصناعية غير المستقرة بعد عام 2021، على وقع أزمة جائحة كورونا.
- الموقع الجغرافي للقارة الأوروبية، فارتفاع معدل الاحترار التراكمي أدى لإيجاد مناطق ضغط جوي متفاوت بين غرب وجنوب أوروبا من جهة وشرق المحيط الأطلسي من جهة أخرى، وهذا التفاوت في مناطق الضغط الجوي ساهم بدفع التيارات الدافئة من مياه المحيط الأطلسي شرقا والصحراء الكبرى في شمال إفريقيا باتجاه مناطق الضغط المرتفع في الأجزاء الشمالية والشرقية من أوروبا، وخلال عملية التبادل الحراري بين مناطق الضغوط المختلفة مع حرارة مرتفعة نسبيا، تتشكل موجات حر قاسية وجافة في مناطق جنوب وغرب أوروبا.
- العامل الجغرافي لا يمكن السيطرة على مفاعيله، لكن يمكن تقليل الضرر الناجم عنه على المناخ، عبر الإسراع باتخاذ إجراءات الحد من الانبعاثات الغازية، والتحول نحو الطاقة النظيفة، والمحافظة على المساحات الخضراء ووقايتها من الحرائق المحتملة.
- الاتحاد الأوروبي في 2019 كان يهدف للحد من الانبعاثات الغازية بنسبة 55 بالمئة بحلول عام 2030، عندما كانت الدول الموقعة على اتفاقية باريس غير ملتزمة بضوابطها، وكان العالم على أعتاب الزيادة في معدل درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، لكن في الوقت الحالي فهذا الهدف بات مستحيل التحقق والأجدى هو العودة لاتفاقية باريس قبل فوات الأوان.