يقول الخبير بالمركز الوطني الروسي للدراسات العسكرية، هوفمان مارتشينكو، إن موسكو اعتمدت خطة خداع واستثمار بالوقت في الجنوب، واهتمت بتأمين الأقاليم الأربعة التي ضمتها لسيطرتها في شهور سابقة استعدادا للهجوم الأوكراني المضاد.
وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أوضح مارتشينكو الخطوات التي قامت بها روسيا وهي:
- تشييد 2000 كيلومتر من التحصينات تمتد من الحدود الروسية مع بيلاروسيا إلى نهر دنيبرو، وتركزت الأنظمة الدفاعية في زابوريجيا، وخيرسون، ودونيتسك، ولوغانسك جنوبا.
- دشنت روسيا عدة مستويات دفاعية في زابوريجيا، الأول يبلغ طوله 150 كيلوا مترا، ويمتد من الجنوب الشرقي لـ”زابوريجيا” إلى حدود دونيتسك ويتكون من طبقات متعددة من الحواجز والتحصينات، في حين يمتد المستوى الثاني لأكثر من 130 كيلومترا من مدينة أورليانسكي إلى بيلماك.
- تتميز جبهة دونيتسك بتحصينات دفاعية شديدة، فضلا عن تضاريسها المعقدة، وقربها من روسيا، ما يصعّب أية مساع أوكرانية لاختراق تلك الجبهة، ويعتمد النظام الدفاعي في دونيتسك على 3 مدن رئيسة (دونيتسك وماكيفكا وهورليفكا).
- الخنادق والألغام والأسلاك الشائكة تعزز من النمط الدفاعي الروسي، كما تدعم القوة النارية كالمدافع ومضادات الدبابات وأنظمة الدفاع الجوي القدرات الدفاعية.
- تؤثر الجغرافيا والتضاريس وتمنح السهول والحقول المفتوحة ميزة هجومية للروس، لسهولة الرؤية والمناورة، وإمكانية تركيز القوى على النقاط المستهدفة، بينما تعيق الغابات الكثيفة والتضاريس الجبلية والمستنقعات من حركة القوات الأوكرانية المهاجمة، ما يوفر ميزة دفاعية للقوات الروسية في الجنوب.
هل يعود الزخم لمعارك الجنوب؟
مع تواتر الأنباء والتقارير عن فشل كبير لأول مراحل الهجوم المضاد، يرى الباحث في الشؤون الروسية الأوكرانية، الدكتور باسل الحاج جاسم، أن القوات الروسية أجادت بناء خطوط دفاعية فعالة ومحكمة في مناطق الجنوب.
ووفق جاسم، فإن ذلك يتضح من حالة التناغم الواضحة بين الأسلحة الروسية الهجومية والتحصينات الدفاعية والمدى الناري القوي لروسيا الذي سمح بتغطية أغلب المناطق المسيطر عليها دون خسائر واسعة في المعدات والجنود.
وأكد جاسم في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الوسائل الدفاعية الروسية “استطاعت جذب القوات الأوكرانية والعتاد الغربي إلى مناطق استهداف وكبدتها خسائر كبيرة في المدرعات خلال الفترة الأخيرة، ولم يحقق الهجوم المضاد الذي تغنت به وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية سوى مساحات محدودة من الأرض خلال أسبوعين”.
وتسود توقعات أن يستأنف الهجوم الأوكراني زخمه بقوة خلال الفترة المقبلة مع تواصل الدعم الغربي، ومع استمرار الإمداد بالأسلحة والذخائر والعتاد، فضلا عن المعلومات الاستخباراتية حول تمركز القوات الروسية وصور الأقمار الاصطناعية التي تخدم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا.
خطأ باخموت
يرى واتلينغ كودراخيين، المتخصص في الشؤون الدولية بالجامعة الوطنية أوديسا، أن القوات الأوكرانية كانت تعلم بإعداد نظيرتها الروسية خطوط دفاعية للتصدي للهجوم المضاد المرتقب ومع ذلك اعتمدت تكتيكات بعضها خاطئ، والآخر غير مناسب لطبيعة أرض المعركة، وكانت النتيجة خسائر واسعة على المحور الجنوبي والمحور الشرقي.
وأوضح كودراخيين، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” أن روسيا استخدمت أسلوب تشتيت الجهد التعبوي الأوكراني في أكثر من مسار للحرب لمنع تكدس القوات وللقدرة على المواجهة، وتفويت الفرصة على الغرب لكسب أي معركة فاصلة في زابوريجيا أو خيرسون أو دونيتسك أو سوليدار، بينما كانت الأمور تعبأ لحرب طويلة في مدينة باخموت.
ووفقا لكييف، فقد تقدمت قواتها لما يصل إلى 7 كيلومترات داخل الخطوط الروسية وتم تحرير 8 قرى ومساحة تبلغ 113 كيلومترا مربعا من الأراضي.
وتشن أوكرانيا هجمات على مناطق مختلفة من خط المواجهة الذي يبلغ طوله ألف كيلومتر في هجومها المضاد الذي طال انتظاره لاستعادة 18 بالمئة من أراض تحت سيطرة القوات الروسية لكنها تركز على زابوريجيا بشكل أساسي.