الهجمات الأوكرانية تصاعدت خلال الساعات الماضية، بالتزامن مع التمرد المسلح الذي قامت به قوات “فاغنر” الروسية.
كما تحدثت كييف عن تحركات أكثر قوة خلال الأيام المقبلة رغم تراجع حدة القتال؛ وهي تطورات وصفها خبراء تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية” بـ”الخطوات الطبيعية بعد ساعات التوتر التي عاشتها موسكو”. فماذا جنت روسيا من مغامرة قائد “فاغنر” يفغيني بريغوجين؟.
خروج آمن للجميع
في خطوة أنهت إلى حد كبير تطور الأحداث على أرض روسيا، أعلن الكرملين، أن رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، تفاوض على “صفقة”، يتم بموجبها:
- انتقال مؤسس مجموعة “فاغنر” إلى بيلاروسيا دون مواجهة اتهامات جنائية في روسيا.
- توقيع جزء من مقاتلي “فاغنر”، غير المشاركين في التمرد وحمل السلاح ضد روسيا، عقودا مع وزارة الدفاع، مقابل عدم اتهام أي منهم بالتورط في تمرد مسلح.
وبعد إحباط تمرد فاغنر الذي استمر لـ36 ساعة، يقول الباحث في الشأن الدولي، ضياء نوح، إن أصعب المواجهات على الجيوش المنظمة هو مواجهة “حركات التمرد في الداخل، لأنها تغذي روح الانقسامات العسكرية”.
ويضيف نوح لموقع “سكاي نيوز عربية”:
- “روسيا لديها ثاني أقوى جيوش العالم بعد الولايات المتحدة، وفقا لتصنيف (غلوبال فاير باور) لعام 2023، ورغم ذلك مثّل تمرد فاغنر أقوى اختبار لروسيا في السنوات الـ10 الأخيرة”.
- “أثبت تمرد فاغنر حاجة روسيا لوجود احترافية قتالية لدى جيشها، لا سيما أن أغلب قوام الجيش الروسي يتم عبر التجنيد الإجباري للجنود، مما سبب هزائم وتراجع كبير في بدايات حرب أوكرانيا قبل ظهور دور فاغنر”.
- “عقيدة الجيش الروسي قائمة على الكثافة النيرانية وسياسة الأرض المحروقة، مما كشف نقصا في استراتيجية مواجهة الأزمات الداخلية في حالات التمرد العسكري أو الانقلاب”.
- “تحييد فاغنر في صفقة (الخروج الآمن) التي أبرمت بين القيادة الروسية وقائد فاغنر برعاية الرئيس البيلاروسي، تعد انتكاسة لقوة روسيا في مواجهة الجيش الأوكراني، وفي مرحلة حساسة من الهجوم المضاد الذي بدأ قبل 3 أسابيع”.
- “القيادة الروسية أصبحت مجبرة بحسب توقعات، على إقالة وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس الأركان، نظرا لما تسببا فيه من أزمة عسكرية و(صراع جنرالات) مع بريغوجين خلال الأشهر الأخيرة، كاد يكلف موسكو حربا أهلية طاحنة”.
- “تقويض عمليات فاغنر في مناطق من العالم؛ لأن أساس وجودها كان عدم وجود صلة رسمية بينها وبين وزارة الدفاع الروسية، وأول الخسارة سيكون في غرب إفريقيا (إفريقيا الوسطى والنيجر والكونغو ومالي).
صراع الجنرالات
الأسابيع الماضية لم تهدأ الحرب الكلامية والملاسنات بين قائد فاغنر، الذي لم يفوت فرصة لاتهام وزير الدفاع ورئيس الأركان بـ”إخفاء الحقيقة عن الروس وحجب حجم الخسائر المادية والبشرية، والتسبب في تأخير الحسم بالكثير من المواجهات في أوكرانيا”.
وفي هذا السياق، يقول الباحث بمركز قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أولكسندر فومين، إن العداء بين ما وصفه بـ”الثلاثي القوي” (شويغو وفاليري غيراسيموف من جانب، وبريغوجين من جانب آخر)، ليس وليد الأسابيع الماضية، وإنما اشتعل منذ ديسمبر الماضي”.
ويوضح فومين تفاقم الخلاف بين الثلاثة، قائلا إنه “وصل خلال الفترة الأخيرة لمرحلة دفعت الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للتدخل شخصيا”.
ويتابع: “بوتين دعا بريغوجين وشويغو إلى اجتماع لتهدئة التوتر، لكن ساءت الأمور أكثر ليدخل قائد فاغنر في تمرد مسلح ضد القيادة العسكرية الروسية”.
وعن أسباب العداء التي أدت إلى إعلان “فاغنر” التمرد، يفند الخبير بالمركز الوطني الروسي للدراسات العسكرية، هوفمان مارتشينكو، مراحل ودوافع هذا الصراع في عدة نقاط، هي:
- “دخول بريغوجين في ساحة المعركة وتحقيقه انتصارات في محور باخموت، أثار لديه شهوه الطموح والسيطرة ومحاولة إيجاد أو إنشاء جيش مواز لا ينصاع للجيش الروسي”.
- “علاقة بريغوجين بالرئيس الروسي أدت إلى وجود حالة من الغضب داخل أجنحة الجيش العسكرية، وبالأخص وزير الدفاع ورئيس الأركان، وكانت بداية الخلاف الحقيقي هي عدم تسليم قوات فاغنر أسلحة ثقيلة”.
- “قادة وزارة الدفاع لا يثقون في فاغنر وتحركاتها، نظرا لرصد مخالفات تمت بالفعل وإعصاء أوامر في ساحة المعركة خلال الأشهر الماضية، دون الرجوع لوزارة الدفاع”.
- “كذلك رفض قادة الجيش إعطاء أي امتيازات لفاغنر أو قائدها، مما أغضب بريغوجين كثيرا”.
- “تصدر وزير الدفاع شويغو، ورئيس أركان الجيوش الروسية غيراسيموف، العناوين باعتبارهما وجهان للحرب في أوكرانيا في حال غياب بوتين عن المشهد، مما أصاب بريغوجين بالغيرة كونه لا يؤمن بكفاءتهما، مما دفعه لدعوة رئيس الأركان لزيارة مواقع القتال وإظهار الشجاعة”.