ومنذ خسارته الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي، يعيش حزب الشعب الجمهوري صراعا داخليا مريرا بين قياداته، ما بين المطالبين بإبعاد كمال كليتشدار أوغلو، المرشح الرئاسي الخاسر، عن رئاسة الحزب، والمطالبين ببقائه، معتبرين أن مجرد قدرته على الوصول للجولة الثانية أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نجاحا في حد ذاته.
ويحلل كاتبان تركيان لموقع “سكاي نيوز عربية” المشهد المتصدع، وما وراءه، وما يمكن أن يفضي إليه في الشهور القليلة المتبقية على الانتخابات البلدية المقررة في مارس 2024.
أزمة التسريبات
يتزعم أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، الفرق المطالبة بتغيير كليتشدار أوغلو. ومؤخرا، جرى تسريب مقطعا مصورا لاجتماع سري جمعه بقيادات من الحزب، يناقش إنشاء حركة موازية داخل الحزب قبيل عقد المؤتمر العام العادي المقرر في نوفمبر.
كما جرى تسريبات لبعض ما دار في اجتماعات مغلقة بينه وبين رؤساء بلديات أخرى، تتحدث عن إجراء تغيير في رئاسة الحزب، تحدث فيه بعض الحضور عن جمع توقيعات لدفع كليتشدار أوغلو لعقد اجتماع غير عادي لمجلس الحزب، كخطوة لتعزيز موقف المطالبين بتغييره.
صراع تيارين
المحلل السياسي التركي، هشام غواناي، يحلل هذا المشهد، وما يمكن أن يؤول إليه في الأيام القادمة، قائلا:
- بعد خسارة كمال كليتشدار أوغلو انتخابات الرئاسة، كان من المتوقع أن يتنحى عن قيادة حزب الشعب الجمهوري، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن، ولم يتحمل مسؤولية الخسارة، وادعى تحقيق نجاح بالوصول للجولة الثانية من الانتخابات؛ ما أثار غضبا بين أوساط ناخبيه والقيادات حزبية.
- يعتبر أكرم إمام أوغلو نفسه أجدر بقيادة الحزب؛ لكي يكون مرشحا للرئاسة في الانتخابات المقبلة.
- هناك خلافات بين من يؤيد بقاء كليتشدار أوغلو، وهم من الجيل الذي ينتمي إليه من الحرس القديم ممن يفوق عمرهم الستين عاما، أمثال فايق أوزتراك وأوزغور أوزال، ونقيضه من الجيل الشاب الذي يمثله أكرم إمام أوغلو.
- النقاشات الجارية ستؤدي لانتخابات حزبية، وفي النظام الحالي لا يوجد احتمال لتغيير كليتشدار أوغلو حيث تؤيد أغلب الكوادر الحزبية بقاءه.
دوامة واسعة
وفقا للكاتب التركي برهان الدين دوران، فإن “أزمة التغيير في الحزب تتحول لدوامة واسعة، تتمثل ركائزها في التنافس بين كليتشدار أوغلو وإمام أوغلو، ليتحول الأمر إلى نزاع “كمال- أكرم”، والاجتماعات السرية الموازية دون علم الرئيس، والأشرطة المسربة، والنقاش الأخلاقي“.
ويتوقع دوران، أن الجدل الدائر الآن حول تسريب اجتماع إمام أوغلو السري عبر تطبيق “زووم” مع كبار مسؤولي حزب الشعب الجمهوري، يعني دخول نزاع “كمال -أكرم” مرحلة جديدة من تكسير العظام، تفضي إلى “عمليات التصفية في الحزب“.
فرصة للحزب الحاكم
منذ أن خسر حزب العدالة والتنمية الحاكم أكبر البلديات، وهي أنقرة وإسطنبول وأزمير، في انتخابات 2019، فإن الفرصة سانحة له الآن لاستعادة انتخابات 2024، كما نقلت صحيفة “الزمان” التركية الثلاثاء.
ووفق مصادر الصحيفة، من المتوقع أن يستعيد الحزب الحاكم في انتخابات 2024 بلدية إسطنبول مجددًا (التي يرأسها الآن أكرم إمام أوغلو)، فيما يستبعد فوزه ببلدية أنقرة.
وفي حال تصعيد الخلافات في حزب الشعب الجمهوري حول زعامته، فإن هذا قد يعني تفكك كتلة المعارضة، التي جمعت حزب الشعب الجمهوري وأحزابا أخرى في 2019؛ ويزيد من فرص الحزب الحاكم في اكتساح الانتخابات المحلية القادمة وتحقيق طموحاته السياسية.