ويرصد محلل سياسي تشادي لموقع “سكاي نيوز عربية” عدة مشاهد اقتصادية وسياسية وثقافية وأمنية للوجود الفرنسي في القارة السمراء خلال الآونة الأخيرة، تشير إلى حجم التراجع الذي تعانيه فرنسا أمام منافسيها.
ضربة للغة الفرنسية
- في الدستور المالي الجديد الذي جرى الاستفتاء عليه في يونيو، وأعلنت المحكمة الدستورية، الجمعة، نتيجته النهائية، خفّض المشرعون مكانة اللغة الفرنسية، لتصبح “لغة العمل” بعد أن كانت لغة البلاد الرسمية.
- بموجب النص الجديد، الذي تم اعتماده بنسبة 96.91 بالمئة من الأصوات، أصبحت اللغات الوطنية لغات رسمية.
- يمنح الدستور الجديد صلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية، ويطوي صفحة الجمهورية الثالثة.
- يتولى الرئيس تحديد سياسة البلاد والسياسة الحكومية، مما يعني مزيدا من التوجه لإبعاد الثقافة الفرنسية عن العمل الحكومي؛ حيث يتبنى رئيس المرحلة الانتقالية، آسمي غويتا، فك الارتباط مع باريس من هذه الناحية.
يأتي هذا بعد زحزحة أقدام فرنسا عن أراضي عدة دول، بخروج قواتها من مالي عام 2022، بناء على طلب باماكو، وإنهاء عملية برخان العسكرية التي كانت تقودها تحت شعار مكافحة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء.
هذا التراجع شمل وجودها في دول أخرى كانت تحتلها سابقا أيضا، مثل إفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو، في مقابل تدفق مظاهر نفوذ الدب الروسي الذي عاد للقارة بعد سبات طويل منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991؛ ليعاود نسج خيوطه عبر ذراعه الطولى هناك، وهي مجموعة “فاغنر” المسلحة الروسية الخاصة.
موجة غضب تتصاعد
المحلل السياسي التشادي، علي موسى علي، يعلق عل هذه التطورات بقوله: “إننا نشهد موجة غضب غير مسبوقة من شعوب دول غرب ووسط إفريقيا تجاه الوجود العسكري الفرنسي، وما نتج عنه من توافق حكومي وشعبي للمطالبة بخروج الجيوش الفرنسية من بلدانهم”.
ويرصد علي بعض مظاهر تحرك دول المنطقة لإزاحة النفوذ الفرنسي، بالقول:
- “اتجهت بعض الدول للقطيعة العسكرية، وكانت أولها مالي، ثم تبعتها غينيا وبوركينا فاسو”.
- “تخفيض مكانة اللغة الفرنسية في الدستور المالي الجديد، إشارة على استمرار نهج حكومة مالي في مواصلة الابتعاد عن باريس”.
- “توثيق التعاون الاقتصادي مع منافسي فرنسا، حيث نرى أن الصين تضخ مليارات الدولارات في شتى المجالات الاستثمارية”.
- “على الصعيد الأمني، توجد فرنسا بشكل يبدو أكثر فتكا وحسما في مواجهة أزمات أمنية تواجه بعض الدول، ورأينا كيف حسمت موسكو الصراع بين الحكومة والمتمردين في جمهورية إفريقيا الوسطى”.
- “لذلك أصبح الشباب في دول وسط وغرب إفريقيا يرغب في إيجاد بدائل جديدة أكثر نجاعة لحل مشاكله؛ مما يعني أن فرنسا ستعاني كثيرا في مجاراة قوة المنافسين”.
هبوط اقتصادي
لمعرفة التأثير المحتمل لمزاحمة المنافسين على الاقتصاد الفرنسي، يعطي المحلل التشادي صورة بالأرقام لنموذج من الاستثمارات الفرنسية في القارة:
- “زمن الاستعمار كانت المستعمرات تمثل أكثر من 60 بالمئة من حجم التجارة الخارجية الفرنسية”.
- “بلغت حصة إفريقيا من صادرات فرنسا 8.7 بالمئة بعد الاستقلال”.
- “تراجعت إلى 5 بالمئة خلال الأعوام العشر الأخيرة”.
- “تعتمد فرنسا في إفريقيا أيضا على النفط والغاز، ولها شراكات مع عدة دول في القارة، وتستحوذ شركة “توتال” الفرنسية على مساحة كبيرة من سوق النفط والغاز هناك”.
- “تعتمد على 28 بالمئة من إنتاجها على إفريقيا، وتحصل على 40 بالمئة من إمدادات النفط من القارة”.
- “تهيمن فرنسا أيضا على عملات 14 دولة في إفريقيا، وبسبب هذه الهيمنة، التي يعزيها ارتباط عملات تلك الدول باليورو، تتمكن باريس من توجيه احتياطات تلك الدول؛ حيث تمسك بـ50 بالمئة من احتياطي النقد الأجنبي الخاص بها في الخزينة الفرنسية”.