وتلك التطورات تأتي بعد يوم من إعلان واشنطن استعدادها لحماية أراضي بولندا، العضو في الناتو، حال الهجوم عليها من قبل مقاتلي شركة “فاغنر”، وبعد التهديدات التي أطلقتها بيلاروسيا، لدول البلطيق وعلى رأسها بولندا، ما ينذر بتفاقم الأمور وتوسيع حرب أوكرانيا، وفق مراقبين.
وكانت بولندا نقلت تشكيلات عسكرية من قواتها من غربي البلاد إلى شرقها، كإجراء احترازي لتأمين حدودها، بينما حذّرت روسيا من مساعي وارسو لحشد تحالف تحت مظلة الناتو والتدخل المباشر في أوكرانيا للاستيلاء على مناطقها الغربية.
في تقدير خبير عسكري روسي تحدَّث لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن بولندا تسعى إلى تقسيم أوكرانيا إلى ما حدود ما قبل الحرب العالمية الثانية، بينما رد آخر أوكراني بأن “موسكو تسوّق” دعاية عسكرية لإيجاد مبرّر للتدخل في بولندا وتوسيع الحرب.
ماذا طلب لوكاشينكو من بوتين؟
وطلب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، يوم الأحد، من نظيره الروسي، بحث إمكانية دعم سكان غرب أوكرانيا، كما أطلعه على ما وصفته وسائل إعلام روسية بـ”خريطة الجحيم”.
قال لوكاشينكو إن “خطط تقطيع أوصال أوكرانيا وفصل الجزء الغربي عنها من قبل وارسو، سيناريو غير مقبول”، مهددا بالتدخل العسكري المباشر.
أضاف: “نرفض سلخ أراضي غرب أوكرانيا وتسليمها لبولندا، لأن حينها سنتعرض لتهديد عسكري من دول البلطيق وبولندا والغرب، وسندافع عن أنفسنا”، وفق وكالة “تاس” الروسية.
أما بوتين، فحذّر مما وصفه بـ”مساعي بولندا لحشد تحالف تحت مظلة الناتو” والتدخل المباشر في أوكرانيا للاستيلاء على مناطقها الغربية.
أضاف أن “بولندا حصلت بعد الحرب العالمية الثانية على أراضٍ كبيرة في الغرب بفضل ستالين، لكن إذا نسيت ذلك، فإن روسيا تذكّرها”.
وفق وكالة” نوفوستي” الروسية، كلّف بوتين جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، بمراقبة خطط بولندا حول أوكرانيا.
ما هي “خارطة الجحيم”؟
على الصعيد ذاته، كشف الرئيس البيلاروسي، عما وصفته موسكو بـ”خريطة الجحيم” بشأن نقل قوات بولندية إلى حدود روسيا وبيلاروسيا، تلخصت في الآتي:
• إحدى الألوية البولندية تتمركز على بعد 40 كيلومترا من مدينة بريست غربي بيلاروسيا.
• لواء آخر ينتشر على مسافة نحو 100 كيلومتر من مدينة غرودنو.
• الكثير من المرتزقة وعناصر من القوات الاحتياطية الاستراتيجية البولندية يشاركون في حرب أوكرانيا ضد القوات الروسية.
• قال لوكاشينكو إن “هذه السياسة الطائشة المتمثلة بإلقاء الأغرار والمرتزقة في الجحيم ستوصلهم إلى طريق مسدود”.
• في أوائل يوليو الجاري، قرّر الجيش البولندي نقل 1000 عسكري وما يقارب 200 قطعة من المعدات من اللواءين الميكانيكيين الثاني عشر والسابع عشر إلى الجزء الشرقي من البلاد.
تدخّل دول البطليق
يقول الخبير العسكري الروسي فلاديمير إيغور، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الغرب لن يجازف بأمنه بالتدخل في بيلاروسيا في هذا التوقيت في ظل الحرب الأوكرانية، لكن هناك مخاوف من تدخل بولندا ودول البطليق في أوكرانيا، ويضيف:
• مساعدات بولندا لأوكرانيا ليس هدفها حفظ سلامة وأمن كييف، بل استمرار تحريضها على روسيا لاستمرار الحرب وإدامة إراقة الدماء.
• بولندا تزج بأوكرانيا في مسار الدولة الفاشلة التي تكون غير قادرة على فرض سيادتها على أراضيها بهدف تحقيق أطماعها بقضم الأراضي الأوكرانية.
• بولندا لم تنسَ المجازر التي ارتكبها حيالها القوميون الأوكرانيون في عام 1942 حتى عام 1945 كجماعة “بانديرا” المتشددة وتريد الثأر لشعبها.
• بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد، تبحث الولايات المتحدة عن دولة أخرى للتضحية بها ككبش فداء إن انهارات أوكرانيا.
تهويل روسي
أما الخبير العسكري الأوكراني أوليكسي ستيبانوف، فيقول لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “تذكير بوتن بعهد ستالين هو استرجاع للماضي السوفيتي الذي لا يفيد في الوقت الحاضر”.
• الحديث الروسي عن أطماع بولندا في أوكرانيا وتقسيمها هو دعاية حربية، لأن حدود البلدين أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية ومعترف بها دوليا، ولا يمكن تغييرها إلا باتفاق البلدان المعنية على غرار سيناريو السودان ودارفور.
• التهويل الروسي عن محاولة بولندا قضم الأراضي الأوكرانية بدأ منذ بداية اندلاع الحرب بأوكرانيا وليس له أساس من الصحة.
• بيلاروسيا هي جزء من روسيا، وموسكو تعتبرها حديقة خلفية لها ووضعت بها صواريخ تكتيكية نووية، كما أن بوتين يستخدم وارسو لبعث رسالة للغرب بأنه يستطيع محاربته من بيلاروسيا وتوسيع النزاع الأوكراني.
خسائر الهجوم المضاد
أما الخبير البريطاني مايكل كلارك، فيقول عن “خارطة الجحيم” التي عرضها الرئيس البيلاورسي لصد أي تحرك عسكري بولندي محتمل، إن “البنتاغون ليس جاهزا لفتح جبهة أخرى في اتجاه بولندا”، ويقول:
• ما يحدث ما هو إلا مناورات عسكرية سياسية في محاولة تصوير أن بولندا قادرة على السيطرة على بيلاروسيا.
• وارسو قادرة على الدفاع عن نفسها، وليس من مصلحة الغرب حاليا فتح جبهة حرب جديدة.
• خسائر الجيش الأوكراني حتى الآن تقلق حلف الناتو بشأن احتمال اقتراب الجيش الروسي من حدود بولندا.