وفي أحدث قرار حيال الوجود الغربي، ألغى المجلس العسكري في النيجر، يوم الجمعة، عددا من اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا بعد الإطاحة بالرئيس محمد بازوم، الأسبوع الماضي.
كما أوقفت النيجر، التي تتمتع بأهمية استراتيجية للولايات المتحدة والصين وأوروبا وروسيا، يوم الخميس، بث محطتين فرنسيتين إخباريتين رسميتين وهما “فرنسا 24″ و”راديو فرنسا الدولي”.
في تقدير خبير أميركي تحدّث لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن التنافس الدولي بشأن النيجر ووجود عناصر فاغنر في البلدان المجاورة لنيامي، بالإضافة إلى ضعف الجيش النيجري أمام ضغوط فرنسا، كل ذلك قد يفتح الباب أمام موسكو للتدخل في النيجر ويعيد سيناريو أوكرانيا في غرب إفريقيا.
النيجر بين تقاطعات دولية
كشف هذا الانقلاب عن تقاطع المواقف الدولية والأطماع في موارد هذا البلد نظرا لثرواته من اليورانيوم والنفط والماس والذهب والفحم، ودوره المحوري في التصدي للإرهاب بالساحل الإفريقي.
كما أضحت النيجر، التي تعد قاعدة أساسية للجيوش الغربية وأجهزة مخابراتها، على شفا تدخل عسكري إفريقي من المحتمل أن يكون مدعوما من الغرب لإعادة بازوم للسلطة وحماية مصالحه، وسط رفض روسي لتلك الخطة، مما جعل هذا البلد يعيش حاليا وسط ضغوط التقاطعات الدولية والتنافس الدولي، والذي تكشفت ملامحه في التالي:
- الرئيس المعزول محمد بازوم يدعو واشنطن والأسرة الدولية إلى التحرك.
- مجموعة “إيكواس” الإفريقية، التي تضم 15 جيشا وبلدا إفريقيا، حددت في ختام اجتماع لرؤساء أركان تلك الجيوش، يوم الجمعة، الخطوط العريضة “لتدخل عسكري محتمل”.
- الرئيس الأميركي جو بايدن، يطالب بالإفراج الفوري عن رئيس النيجر محمد بازوم.
- وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يجري اتصالات مع بازوم، ويؤكد أن دعم واشنطن لحكومة النيجر المنتخبة مستمر.
- موسكو ترفض التدخل العسكري الأجنبي لأنه لن يسمح بحل الأزمة في النيجر، ودعت كل الأطراف إلى ضبط النفس والعودة للنظام الدستوري في أقرب فرصة.
- رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو، أرسل مذكرة إلى مجلس الشيوخ النيجيري، يلمّح فيها إلى العملية العسكرية المقترحة والعقوبات الأخرى ضد الانقلابيين من قبل مجموعة “الإيكواس”.
- فرنسا علقت يوم الجمعة، على قرار تجميد الاتفاقيات العسكرية بأن “وحدها سلطات النيجر الشرعية” مخولة بفسخ تلك التعاقدات.
- بريطانيا علقت مساعداتها التنموية طويلة الأمد للنيجر ودعت إلى إعادة بازوم للسلطة.
- الاتحاد الأوروبي أيّد جميع الإجراءات التي اعتمدتها مجموعة إيكواس والدول الغربية.
سيناريو أوكرانيا
أثارت إزاحة بازوم من السلطة قلقا غربيا من ترك فراغ أمني قد تستغله موسكو بدافع أن النيجر مستعمرة فرنسية سابقة، ولطالما كانت حليفا رئيسيا في مكافحة فرنسا للإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي.
ما زاد المخاوف الغربية، احتفال قائد مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين، باستيلاء العسكريين على السلطة في النيجر، وعرض خدماته على الانقلابيين، وقوله إن “شركته يمكن أن تساعد في مثل تلك المواقف”.
حاليا، يتمركز المئات من مقاتلي فاغنر في مالي بدعوة من المجلس العسكري للبلاد، لقمع التمرد الذي يتصاعد في منطقة تلتقي فيها حدود مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وما زاد من القلق أيضا، الزيارة التي أجراها الجنرال ساليفو مودي، أحد أبرز المشاركين في انقلاب النيجر الذي أطاح بالرئيس بازوم، يوم الأربعاء، إلى مالي، حيث تتمركز عناصر فاغنر الروسية، مما أثار تكهنات بشأن أن الانقلابيين في النيجر مهتمّون بالحصول على خدمات فاغنر.
منذ الانقلاب أيضا، أبدى قادة مالي وبوركينا فاسو العسكريون تضامنهم مع نظرائهم في النيجر في مواجهة الضغوط الدولية، كما أن العَلم الروسي شوهد مرفوعا في عدة مظاهرات مؤيدة للانقلابيين.
وفي أول ردّ على تهديدات “إيكواس”، أعلن المجلسان العسكريان في كل من مالي وبوركينا فاسو سابقا أن أي تدخل عسكري في النيجر “سيكون بمثابة إعلان حرب علينا”.
الضغط الغربي واللجوء لروسيا
وفق الخبير العسكري الأميركي بيتر آليكس، فإن تداعيات انقلاب النيجر وتمدد عناصر فاغنر الروسية يثيران قلق الغرب من الفراغ الأمني وترك الساحة لروسيا لتوجيه ضربة استباقية في إفريقيا وتكرار سيناريو أوكرانيا.
عن بواعث القلق الغربي، يضيف آليكس، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن موسكو رغم رفضها لأي تدخل عسكري غربي في النيجر، لديها عناصرها من فاغنر في البلدان المجاورة لدعم استقرار الانقلابات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو وتشاد، وأضاف:
- روسيا خلال السنوات الأخيرة، استفادت من المشاعر المناهضة للغرب لتعزيز نفوذها في إفريقيا.
- بالتزامن مع القمة “الإفريقية الروسية” التي عقدت مؤخرا في سان بطرسبرغ، شهد النيجر الانقلاب العسكري بعد أن ظهرت روسيا في موضع الداعم لإفريقيا ومنحت 6 دول حبوبا بالمجان.
- هناك حركة متصاعدة مناهضة لفرنسا في النيجر، وما شهدناه من احتجاجات مناهضة للغرب ووصفه بالاستعمار.
- مع الضغط الغربي وبخاصة الفرنسي، قد يلجأ قادة الانقلاب في النيجر إلى طلب الدعم الرسمي والمساعدة الأمنية من روسيا التي لن تتوانى وتنتظر التحرك.
- خلال السنوات الأخيرة، شهدت بلدان إفريقية تأييدا لروسيا خصوصا في منطقة الساحل، وكان آخرها في بوركينا فاسو التي طلبت حكومتها العسكرية العام الماضي رحيل القوات الفرنسية.
- الارتباط قد يأتي من تبعات الانقلاب بتوسيع مصالح روسيا في إفريقيا خصوصا في دول الساحل.
- القوى الغربية بحاجة إلى مراجعة استراتيجيتها في غرب إفريقيا ومعالجة أسباب الفقر ودعمها للحكومات الضعيفة وعدم المساواة والفساد.
- ضعف الجيش النيجري أمام ضغوط فرنسا التي تتشابك مصالحها الاقتصادية مع نيامي يفتح الباب أمام موسكو، للتدخل في النيجر، ومن المحتمل أن يعيد المواجهة بين الغرب وروسيا وسيناريو أوكرانيا في إفريقيا.