وشهد الخميس الماضي 3 أغسطس، عملية نوعية للتنظيم، بعد تدميره لقافلة إمداد عسكرية سيرتها مالي إلى جارتها النيجر بعد إعلان باماكو تضامنها العسكري مع جارتها نيامي بعد العملية الانقلابية التي شهدتها في 26 يوليو الماضي.
ويسيطر تنظيم الدولة، ويتحرك في مجال واسع اشتهر بـ”مثلث الموت” الواقع بين الدول الثلاث مالي وبوركينافاسو والنيجر، حيث يقارع منافسه القوي تنظيم النصرة التابع للقاعدة، والمعروف أيضا باسم “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”.
وأضحى التنظيم حائلا بين الدول الثلاث التي قررت الخروج من العباءة الفرنسية، والتعاون فيما بينها، بعد أن صعب الحركة عبر حدودها، هو ومنافسه القاعدة رغم استعانة مالي بقوات فاغنر الروسية في تحركاتها، والتي أصبحت بدورها هدفا سائغا للتنظيمين.
مناطق السيطرة والأتباع
- اتخذ داعش من منطقة “غورما” شمال شرقي مالي، مسرحا لعملياته، إضافة إلى سيطرته شبه الكاملة في “مينكا” القريبة من النيجر، ومعظم القرى التابعة لها، حيث يخوض عمليات كر وفر مع تنظيم القاعدة.
- تراجعت مليشيات داعش من بوركينافاسو بعد هزائم متتالية تلقاها التنظيم على يد منافسه القاعدة، مما دفع به نحو مالي بكثافة، حيث يعيد حشد أتباعه في دول الساحل.
- التنظيم أكثر قدرة وحركة من القاعدة في الحدود النيجرية بسبب تنوع أتباعه، وعرقياتهم لانحدارهم من دول المنطقة (مالي والنيجر وبوركينا وتوغو وغينيا ونيجيريا وتشاد). كما أنهم ينتمون لعرقيات أغلبها رعوية تعيش في نفس المجال الحدودي ويستتبعها التنظيم بالقوة ويتخذها مصدرا للتموين والاختباء.
تحديات النيجر
- أمام التحدي الجديد لدول الساحل الثلاث، استعانت القوات المالية الجمعة 4 أغسطس، بعد هجوم داعش على قافلتها بقوات من فاغنر، المتواجدة على أراضيها، والتي لم تتم الاستعانة بها في هذه العملية لاعتقاد باماكو أنها في “شهر عسل” مع داعش بعد إطلاق سلطاتها لقيادات من التنظيم في صفقة من المفترض حسب محللين أن تفسح المجال أمام تحركات جيشها في المنطقة.
- أدت عملية داعش، إلى ظهور مخاوف أكبر من منافسه القاعدة، الأكثر عددا وتسليحا وتأثيرا في الساحل منذ توالت انتصاراته التب أعقبت رحيل القوات الفرنسية عام 2021 من مالي، والذي بدأ يخط مجالا واسعا في اتجاه دول خليج غينيا، بعد أن أحكم سيطرته على مناطق حيوية واسعة في مالي وبوركينافاسو.
- في ظل عزلة النيجر من جيرانها بعد قرار المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) معاقبتها، وبعد إعلان إنهاء شراكتها مع فرنسا، توجهت نيامي إلى جيرانها، وأوفدت أحد أعضاء المجلس الانقلابي إلى باماكو بداية الأسبوع المنصرم، حيث أفادت معلومات مسربة من باماكو، أن الاجتماع كان لبحث استقدام قوات فاغنر إلى النيجر للقيام بدور مماثل لدورها في مالي في حماية النظام العسكري من خطر إزالته من قبل الغرب.
- محللون في باماكو، أكدوا داعش لن تثني باماكو عن التعاون والتضامن مع جارتها، وأن الاعتداء الأخير سيعيد صياغة الاستراتيجيات الأمنية للدول الثلاث التي قررت التعاون فيما بينها للتخلص من الهيمنة الفرنسية واستبدالها بشراكة أمنية مع روسيا، إذ يتوقع أن تتولى قوات فاغنر هذه المهمة، وأن تقوم بفتح ممرات برية للإمداد، رغم المخاطر المتوقعة، إلى حين إعلان علاقات رسمية مع النيجر، حينها سيكون تدخلا روسيا يجعل الوضع في النيجر بمثل ما هو عليه في سوريا، حيث يعمل الروس جنبا إلى جنب مع الأميركيين وغيرهم.
- وإلى أن يحسم موقف مجموعة “إيكواس” الأفريقية حول تدخل عسكري من عدمه، ستبقى معظم هذه القضايا معلقة، رهينة بما ستسفر عنه الساعات القادمة من مفاجآت بدت متسارعة جدا، بعد توتر بلغ ذروته بين فرنسا ومستعمراتها السابقة التي قررت قطع العلاقات معها بإجماع.