يقيّم باحثان سياسيان لموقع “سكاي نيوز عربية” هذه المطالبات وتوقيتها، وما إن كان البرلمان في تشاد يمتلك صلاحيات لتحريك هذا الملف، بينما يتوقع أحدهما أن يتزايد الوجود الفرنسي الفترة المقبلة لا العكس.
مطالب بـ”الاستقلال”
أدلى بعض النواب خلال اليومين الماضيين بتصريحات لصحيفة “الوحدة التشادية” جاء فيها:
• أحمد بيدي تولومي: “أعتقد أن لتشاد مصلحةً في مراجعة الاتفاقيات التي تربط تشاد وفرنسا، لا سيما فيما يتعلق بالقواعد العسكرية والفرنك الفرنسي”.
• تكيلال ندولاسم: “لسنا مُستقلين لأننا ما زلنا نعتمد على فرنسا، عشنا لمدة 63 عاما في ظل تبعية فرنسا، وسنعمل مع الرئيس محمد إدريس ديبي لاستعادة تشاد استقلالها الحقيقي”.
• مالوم أبا عمر: “فرنسا اليوم في وضع صعب للغاية، والغالبية العظمى من الشباب الإفريقي لا يتفقون مع المستعمر السابق”.
• الدكتور أحمد محمد حسن: “لم تمنح فرنسا مطلقا السيادة الكاملة لإفريقيا، غالبا ما يتم نقل السلطة من خلال نفوذ فرنسا، سواء من خلال التمردات أو الانقلابات العسكرية أو عبر الدولة العميقة”.
المحطة الأخيرة
يتوقع مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الإفريقي، محمد علي كيلاني، أن النفوذ الفرنسي في المنطقة “قد لا يصمد كثيرا بسبب عوامل داخل إفريقيا الفرنكوفونية، وعوامل خارجية تتعلّق بصراع النفوذ الدولي”.
بتعبير كيلاني، فإن “تشاد ربما ستكون “المحطة الأخيرة” للوجود الفرنسي؛ فبعد موجات الرفض لوجودها في دول أخرى، تزايد في تشاد” (في إشارة لانتقال قوات من الدول التي تركتها فرنسا إلى تشاد).
من أسباب النفور من الوجود الفرنسي، يقول الباحث السياسي، إن فرنسا تربط وجودها العسكري “بالملف الأمني وحماية قادة الدول الذين أتوا بانقلابات عسكرية، وهذا سيكلف باريس مصالحها مع الشعوب”.
دعوات “شخصية”
المحلل السياسي التشادي، علي موسى علي، يقلّل من إمكانية لعب هذه الدعوات دورا لإجبار القوات الفرنسية على الرحيل، ويستند في ذلك إلى:
• رغم أن الخروج الفرنسي مطلب شعبي، عبّرت عنه المسيرة التاريخية في 14 مايو 2021 برفعها شعار “تشاد حرة فرنسا برا”، فإن الدعوات البرلمانية الأخيرة شخصية وليست جماعية رسمية.
• ما يطلق عليه المجلس الوطني الانتقالي هو برلمان مؤقّت، لا يملك صلاحيات كبيرة تمكّنه من النظر في علاقات تشاد وفرنسا.
• فيما يتعلق بخروج تلك الأصوات وفي هذا التوقيت، اعتقد أنها للفت الأنظار ومخاطبة المشاعر المعادية لفرنسا؛ وبالتالي الكسب من ورائها سياسيا؛ لأنها جاءت في فترة تواجه المنطقة موجة استنفار شعبي ورسمي ضد فرنسا، خاصة في دول الجوار: النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
حجم القوات الفرنسية
يُعطي المحلل التشادي صورة عن حجم الوجود الفرنسي في البلاد:
• كان يوجد ألف جندي في تشاد في إطار عملية “إبرفيي” التي تم إطلاقها عام 1986 لدعم الحكومة التشادية في حربها ضد ليبيا، وهي بداية للوجود الفرنسي العسكري في تشاد، ثم تطوّر بأشكال مختلفة وبدون معرفة الأرقام.
• تم نشر جزء كبير من الجنود الفرنسيين القادمين من مالي وبوركينا فاسو في تشاد.
• أدارت فرنسا من قواعدها في تشاد عملية “سيرفال” لمحاربة الجماعات الإرهابية في مالي، وتطوّرت هذه العملية إلى برخان في 2014، لمحاربة الجماعات الإرهابية في المنطقة، وتتخذ هذه العملية من العاصمة إنجمينا مقرا لها، وتصل قوات برخان إلى 4-5 آلاف جندي.
• القواعد العسكرية الفرنسية ارتفع عددها خلال الآونة الأخيرة إلى 8 بعد أن كانت 3، وهي أكثر قواعد أجنبية في المنطقة.
• متوقَّع أن يزداد عدد القوات بنشر قوات إضافية؛ لأنه إن طالَب الانقلابيون في النيجر بخروج القوات الفرنسية، فستلجأ إلى تشاد.
تربط فرنسا والمجلس الانتقالي الحاكم في تشاد علاقات أفضل مما بينها وبين حكومات مالي وبوركينا فاسو؛ حيث سارعت لتأييد تولي رئيس المجلس محمد إدريس ديبي، الحكم خلفا لأبيه عام 2021.