فبعد أن كانتا حليفتين لكل منهما قواعد عسكرية في النيجر، ويعملان هناك سويا على مواجهة التنظيمات الإرهابية، ظهر اختلاف إثر الانقلاب بين الدولتين في التعامل مع الأزمة، فبينما أعلنت فرنسا رفضها الشديد للانقلاب وما نتج عنه، بل وحشدت حلفاءها في المنطقة ضده، كان الموقف الأميركي أكثر هدوءً، ولم تصف واشنطن ما حدث بأنه “انقلاب”.
بين الحوار والحرب.. تباين في الموقفين الفرنسي والأميركي
تحدثت مجلة “بوليتيكو” الأميركية، السبت، عن بوادر أزمة بين واشنطن وباريس، في ظل الموقف الأميركي الذي يميل للتعامل مع المجلس العسكري، مبرزة أهم نقاط الخلاف بين البلدين:
• واشنطن ترى أن هناك فرصة للدبلوماسية لإعادة الأمور لنصابها، فقد ذكر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في 15 أغسطس الجاري للصحفيين: “لا نزال نركز بشدة على الدبلوماسية لتحقيق النتائج التي نريد”، أي عودة النظام الدستوري.
• ترفض الإدارة الأميركية توصيف إطاحة الجيش ببازوم بأنه “انقلاب”، لأن من شأن هذا التوصيف إنهاء المساعدات الأميركية الأمنية والتدريب، وهو ما قد يؤثر على وجود واشنطن تحت اسم مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء بوسط وغرب إفريقيا، ويفتح الباب لتمدد روسي محلها.
• بينما تدعم باريس توجه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” للتدخل العسكري في النيجر، لم تعلن الإدارة الأميركية ما إذا كانت ستوفر الخدمات اللوجستية لـ”إيكواس” لتنفيذ ذلك، وأعرب المسئولون الأميركيون عن شكوكهم في التدخل العسكري.
• غضبت باريس من زيارة فيكتوريا نولاند، نائبة وزير الخارجية الأميركية بالإنابة، إلى النيجر واجتماعها مع قادة الانقلاب.
• لم تنظر باريس بعين الرضا لقيام واشنطن بتعيين سفيرة جديدة في النيجر، هي كاثلين فيتزجيبون، والتي وصلت إلى نيامي “لقيادة المهمة خلال وقت حرج لدعم المجتمع الأميركي ولتنسيق الجهود الحكومية”، حسبما قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية، فيدانت باتيل.
مخاوف من فقدان النفوذ لمنطقة الساحل
الأكاديمي الفرنسي وأستاذ العلاقات الدولية، الدكتور فرانك فارنيل، شرح لموقع “سكاي نيوز عربية” أوجه الخلاف والتباين بين موقفي باريس وواشنطن:
• لا تطالب فرنسا فقط بالإفراج عن محمد بازوم، المحتجز حاليا لدى قوات الجنرال عبد الرحمن تشياني، ولكنها تؤكد أيضا على إعادته كرئيس، كما تدعم باريس علانية الخيار العسكري الذي تنادي به بعض دول جوار النيجر، ولا سيما نيجيريا وكوت ديفوار.
• لا تعترف فرنسا بقرارات المجلس العسكري الذي تعتبره غير شرعي، ولا توجد خطط لسحب ما يقرب من 1500 جندي فرنسي يتمركزون في النيجر، بينما وضع البيت الأبيض ثقته في الجنرال موسى سالو بارمو، الذي تلقى تدريبا في الولايات المتحدة، وتم تعيينه مؤخرا رئيسا لأركان القوات المسلحة النيجرية.
• بالإضافة إلى ذلك، أوفد البيت الأبيض السفيرة فيتزجيبون إلى نيامي، مما وضع حدا لمنصب ظل شاغرا لمدة عامين تقريبا. ويجب تفسير وصول فيتزجيبون على أنه إشارة إلى الالتزام المستمر بتقديم حل دبلوماسي، كما أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية.
• تبذل أميركا جهودا كبيرة لتجنب أي احتمال لإجبار جيشها على الانسحاب من النيجر، لأن الانسحاب سيفقدها مكاسب استخباراتية حيوية لها ولحلفائها في منطقة الساحل، لذلك تؤكد الولايات المتحدة على أنه لا يوجد حل عسكري يعتبر مقبولا.
ولم تنجح عدة وفود دبلوماسية، تابعة للأمم المتحدة و”إيكواس” والولايات المتحدة، توجهت السبت إلى النيجر للقاء قادة الانقلاب في حل الأزمة، ولم يتم الإعلان عن التوصل لحل سلمي بعد.