بعد مخاوف المجلس العسكري.. هل تتدخل فرنسا عسكريا بالنيجر؟

4


واعتبر مختصان في الشؤون الإفريقية والدولية لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الضغط الشعبي المستمر في نيامي ضد التواجد الفرنسي بالبلاد، يُصعب من إمكانية التدخل العسكري في النيجر، إذ سيعتبرونه استعمارا جديدا، فضلا عن إمكانية لجوء قادة الانقلاب لحليف “دولي آخر” للوقوف في وجه التدخل العسكري الفرنسي حال تنفيذه، مما يؤجج الأوضاع بغرب القارة الإفريقية، ويفتح فرصة أكبر لانتشار للجماعات الجهادية، وتضرر المصالح الغربية.

ماذا يحدث في النيجر؟

وقال المتحدث باسم النظام العسكري الكولونيل ميجور أمادو عبد الرحمن، في بيان تلاه عبر التلفزيون الوطني، إن “فرنسا تواصل نشر قواتها في عدد من بلدان إيكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا) في إطار استعدادات لشن عدوان على النيجر تخطط له بالتعاون مع هذه الجماعة، (خصوصا) في كوت ديفوار والسنغال وبنين”.

  • تدهورت العلاقات مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للنيجر، بسرعة بعد أن وقفت باريس إلى جانب الرئيس المخلوع محمد بازوم في أعقاب انقلاب يوليو.
  • في 3 أغسطس، تخلى قادة الانقلاب في النيجر عن العديد من اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا، التي لديها حوالي 1500 جندي متمركزين في البلاد كجزء من معركة أوسع ضد الجهاديين.
  • منذ الإطاحة ببازوم، استفاد المجلس العسكري في النيجر، من المشاعر المعادية للفرنسيين بين السكان، حيث طالبوا السفير الفرنسي والقوات الفرنسية بالمغادرة، مع دعم المجلس العسكري في مقاومة الضغوط الإقليمية والدولية لإعادة الرئيس.

  • أطلق المجلس العسكري نداء رسميا لشعب النيجر بـ”أن يكون يقظا وألا يترك مكانه أبدا حتى رحيل القوات الفرنسية الحتمي من أراضينا”.
  • أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن أي إعادة انتشار محتملة للقوات الفرنسية في النيجر لن تتم سوى بطلب من الرئيس محمد بازوم.
  • قال خلال مؤتمر صحفي عقب قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، إنه لن يرد مباشرة على “ادعاء المجلس العسكري”، قبل أن يضيف: “إذا قمنا بأي إعادة انتشار، فلن أفعل ذلك إلا بناء على طلب الرئيس بازوم وبالتنسيق معه، ليس مع مسؤولين يأخذون اليوم الرئيس رهينة”، في إشارة إلى القادة العسكريين الذين يحتجزون الرئيس منذ انقلاب 26 يوليو.
  • شدد ماكرون على دعم فرنسا “الكامل” لموقف إيكواس، التي قالت إنها تدرس التدخل العسكري كخيار لإعادة بازوم كرئيس.
  • في أحدث علامة على تنامي العداء لفرنسا بين مؤيدي الانقلاب، نصب مئات المحتجين خياما أمام قاعدة عسكرية فرنسية في العاصمة نيامي على مدى أسبوع، للمطالبة برحيل قوات باريس.

سيناريوهات المرحلة

من النيجر، حدد الكاتب والباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، محمد الخير إبراهيم جيرو، في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، تداعيات التصريحات المتبادلة بين باريس ونيامي، والسيناريوهات المتوقعة للأزمة الراهنة في عدد من النقاط، قائلًا:

  • السيناريو الأقرب للحدوث بين النيجر وفرنسا، هو أن فرنسا ستنسحب وستسحب قواتها كما فعلت في كل من أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو، لأن النيجر دولة ذات سيادة ولها اليوم حكام يسعون إلى استعادة هذه السيادة للتمكن من التحكم في ثرواتها المنهوبة من قبل فرنسا منذ عقود طويلة.
  • ليس لفرنسا خيار آخر غير الخروج والانسحاب؛ لأن جميع معاهدات ومواثيق فيينا تقر بأن الدول كلها لها حق سيادتها وحق اتخاذ قراراتها الداخلية وفق مصالحها من دون أوامر خارجية أو توجيهات من أية قوة أجنبية.
  • فرنسا لا تستطيع أن تقوم بأي تدخل عسكري على النيجر، لأنه يوجد اليوم في النيجر قوى أجنبية أخرى عظمى لها مصالح كبيرة، على رأسها الصين والولايات المتحدة، ولن تسمح لفرنسا أن تهدد مصالحها باستخدام قوة عسكرية في النيجر مما يسبب انهيارًا لغرب أفريقيا بالكامل.
  • إضافة إلى أن روسيا اليوم حليفة قوية لكل من مالي وبوركينا فاسو، ودخلت النيجر في اتفاق ثلاثي مع هاتين الدولتين وقد كونت الدول الثلاث تحالفا عسكريا، وفرنسا تعلم جيدا أن روسيا لن تتركها تهاجم عسكريا حلفائها وتدمر مصالحها في المنطقة.
  • هذا بجانب الضغط الشعبي المستمر في الميدان، إذ باتت فرنسا اليوم لا تستطيع التنفس في النيجر و”مخنوقة بالضغط الشعبي المستمر”.

أسباب إعادة الانتشار العسكري

أما الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية، هاني الجمل، فقال في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، إنه في ظل التواجد الفرنسي وسيطرتهم على العديد من الدول الإفريقية ذات الصبغة الفرنكوفونية، كانت هناك شراكة بين جيشي فرنسا والنيجر، وكانت تصب في مصلحة جيش النيجر وخاصة في مرحلة محاربة الإرهاب، لكن بعد الانقلاب العسكري بات الوجود العسكري الفرنسي قاب قوسين أو أدنى من الرحيل أكثر من أي وقت مضى.

وأوضح الجمل أنه على الرغم من قرار سلطة الانقلاب بإلغاء العديد من اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا ودعوتها إلى “انسحاب سريع”، إلا أن باريس استبعدت حتى الآن الرحيل عن النيجر دبلوماسيا حيث لا يزال السفير موجودًا في سفارتها رغم تهديده بالطرد.

لكن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة للقوات العسكرية، والتي رضخت للأمر الواقع وعمدت لإعادة انتشار قوتها في قاعدة نيامي الجوية، في حين أن جنود المشاة المنتشرين مع مدرعاتهم في قاعدتي “ولام وأيورو”، قاموا بنقل العديد من المعدات العسكرية إلى بلدان تجمع الإكواس، بحسب الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية.

واعتبر الجمل أن إعادة الانتشار يأتي لهدفين:

  • الأول: محاولة امتصاص غضب جماهير النيجر التي خرجت في مظاهرات مناهضة للتواجد الفرنسي وعدم دخول فرنسا في مواجهة عسكرية ليس بها غطاء قانوني ضد المتظاهرين.
  • الثاني: مساندة مجموعة الإيكواس من خلال استعداداتها لشن عدوان على النيجر ورفع كفاءة تسليحها، وبذلك يكون تواجد القوات والعتاد الفرنسي بشكل شرعي في هذا الهجوم، وهو ما حدث فعليا عندما نشرت فرنسا طائرات عسكرية ومروحيات و40 مدرعة، بجانب السماح لطائرات شحن عسكرية بإنزال كميات كبيرة من المعدات الحربية في السنغال وكوت ديفوار وبنين.