الأرمن يبدأون النزوح الجماعي من كاراباخ إلى أرمينيا

3


وقالت حكومة أرمينيا في ساعة متأخرة من مساء الأحد إن 1050 شخصا عبروا إلى البلاد من ناغورني كاراباخ.

وأضافت الحكومة في بيان “حتى الساعة 22:00 (1800 بتوقيت جرينتش)، دخل 1050 شخصا إلى أرمينيا قادمين من ناغورني كاراباخ”.

وقالت قيادة إقليم ناغورني كاراباخ الانفصالي لرويترز في وقت سابق اليوم إن الأرمن في ناغورني كاراباخ، والبالغ عددهم 120 ألفا، سيغادرون إلى أرمينيا لأنهم لا يريدون العيش تحت سيادة أذربيجان ويخشون من التطهير العرقي.

وقال مراسل رويترز في عاصمة كاراباخ، المعروفة باسم ستيباناكيرت لدى الأرمن وخانكيندي لدى أذربيجان، إن من معهم الوقود اتجهوا بسياراتهم عبر ممر لاتشين باتجاه الحدود مع أرمينيا.

وأظهرت صور لرويترز عشرات السيارات تخرج من العاصمة ليلا باتجاه الممر الجبلي المليء بالمنحنيات.

واضطر الأرمن في كراباخ، وهي منطقة معترف بها دوليا كجزء من أذربيجان لكنها كانت خارج سيطرة باكو في السابق، إلى إعلان وقف إطلاق النار في 20 سبتمبر بعد عملية عسكرية خاطفة قام بها جيش أذربيجان الأكثر عددا وقوة خلال 24 ساعة.

وتقول أذربيجان إنها ستضمن حقوقهم وتدمج المنطقة في باقي البلاد، لكن الأرمن يقولون إنهم يخشون القمع.

وقال دافيد بابايان مستشار رئيس (جمهورية أرتساخ) التي أعلنها الانفصاليون من جانب واحد لرويترز “شعبنا لا يريد العيش كجزء من أذربيجان. 99.9 بالمئة يفضلون مغادرة أرضنا التاريخية”.

وتابع قائلا “مصير شعبنا المسكين سيسطره التاريخ كعار ووصمة على جبين الأرمن والعالم المتحضر بأسره. المسؤولون عن مصيرنا هذا سيحاسبون يوما ما أمام الله على خطاياهم”.

وقال قادة الأرمن في كاراباخ في بيان إن قوات حفظ السلام الروسية سترافق كل الذين شردتهم عملية أذربيجان العسكرية ويريدون المغادرة إلى أرمينيا.

ورأى مراسلو رويترز بالقرب من قرية كورنيدزور على حدود أرمينيا بعض السيارات المكدسة بالأفراد تعبر إلى أرمينيا.

ولم يتضح بعد متى سيتحرك الجزء الأكبر من الأرمن إلى أرمينيا.

حماية الأرمن

يواجه رئيس الوزراء نيكول باشينيان دعوات للاستقالة لفشله في إنقاذ كاراباخ. وقال باشينيان في كلمة إلى مواطنيه الأحد إن بعض المساعدات وصلت لكن يبدو أن النزوح الجماعي أمر لا مفر منه.

وأضاف “يظل أرمن ناغورني كاراباخ عرضة للتطهير العرقي… الإمدادات الإنسانية وصلت إلى ناغورني كاراباخ خلال الأيام القليلة الماضية لكن هذا لا يغير الوضع”.

وتابع قائلا “إذا لم تتهيأ ظروف المعيشة الحقيقية للأرمن في ناغورني كاراباخ في منازلهم والآليات الفاعلة للحماية من التطهير العرقي فالاحتمال يتزايد بأن الأرمن في ناغورني كاراباخ سيطردون من أرضهم باعتبار هذا السبيل الوحيد للخلاص”.

ونقلت عنه وكالة تاس الروسية للأنباء قوله “حكومتنا سترحب بكل ود بإخواننا وأخواتنا من ناغورني كاراباخ”.

وقد يؤدي نزوح جماعي إلى تغيير توازن القوى الدقيق في منطقة جنوب القوقاز، التي يسكنها مزيج من العرقيات وتمر بها خطوط أنابيب للنفط وللغاز، وتتصارع روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران على النفوذ هناك.

ويبدو أن نصرا حققته أذربيجان الأسبوع الماضي وضع نهاية حاسمة لواحد من “الصراعات المجمدة” التي دامت عقودا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. وقال الرئيس إلهام علييف إن “قبضته الحديدية” جعلت فكرة وجود منطقة مستقلة لعرقية الأرمن في كاراباخ من الماضي وإن المنطقة ستتحول إلى “فردوس” في أذربيجان.

وتقول أرمينيا إن أكثر من 200 شخص قُتلوا وأصيب 400 آخرون في عملية أذربيجان العسكرية.

حرب كاراباخ الأولى

تقع منطقة ناغورني كاراباخ، التي يعرفها الأرمن باسم أرتساخ، في منطقة سيطر عليها على مدى قرون الفرس والأتراك والروس والعثمانيون والسوفييت. وطالبت كل من أذربيجان وأرمينيا بالسيادة عليها بعد سقوط الإمبراطورية الروسية في عام 1917. وتم تصنيفها في العهد السوفييتي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي داخل أذربيجان.

  • مع انهيار الاتحاد السوفييتي، تخلص الأرمن هناك من سيطرة أذربيجان الصورية واستولوا على أراض مجاورة فيما يعرف الآن باسم حرب كاراباخ الأولى. وقُتل حوالي 30 ألفا وشرد أكثر من مليون معظمهم من أذربيجان في الفترة من 1988 إلى 1994.
  • بعد مناوشات استمرت على مدى عقود، انتصرت أذربيجان في عام 2020 بدعم من تركيا في حرب كاراباخ الثانية الحاسمة التي استمرت 44 يوما واستعادت السيطرة على مناطق في كاراباخ وفي محيطها. وانتهت تلك الحرب باتفاق سلام بوساطة روسية، ويتهم الأرمن موسكو بالفشل في ضمان تنفيذه.

قالت سلطات الأرمن في المنطقة في وقت متأخر من السبت إن نحو 150 طنا من الشحنات الإنسانية من روسيا و65 طنا أخرى من الطحين (الدقيق) شحنتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر وصلت إلى المنطقة.

قالت اللجنة في بيان “بالنظر إلى حجم الاحتياجات الإنسانية، نكثف وجودنا هناك بأفراد متخصصين في مجالات الصحة والطب الشرعي والحماية والتلوث الناجم عن الأسلحة”.

مع وجود ألفي جندي من قوات حفظ السلام في المنطقة، قالت روسيا إنها سلمت حتى أمس السبت ست مركبات مدرعة وأكثر من 800 قطعة سلاح صغير وأسلحة مضادة للدبابات وأنظمة دفاع جوي محمولة بالإضافة إلى 22 ألف طلقة ذخيرة بموجب شروط وقف إطلاق النار.

قال باشينيان، الذي اتهم روسيا علنا بعدم دعم أرمينيا، يوم الجمعة إنه أعد مكانا لاستيعاب 40 ألفا من كاراباخ في أرمينيا.

قالت أذربيجان، وأغلب سكانها من المسلمين، إن الأرمن، وهم مسيحيون، يمكنهم المغادرة إذا أرادوا ذلك.

قال باشينيان إن بلاده ستراجع مسألة تحالفها مع موسكو.

أضاف في خطابه اليوم “يبذل بعض شركائنا جهودا متزايدة لكشف نقاط الضعف الأمنية لدينا، مما يعرض للخطر، ليس أمننا واستقرارنا الخارجي فحسب، وإنما الداخلي أيضا، بينما ينتهكون جميع قواعد السلوك في العلاقات الدبلوماسية والعلاقات بين الدول، بما في ذلك الالتزامات التي جرى التعهد بها بموجب المعاهدات”.

يقول المسؤولون الروس إن باشينيان هو المسؤول عن سوء إدارته للأزمة، وذكروا مرارا أن أرمينيا، التي تقع على الحدود مع تركيا وإيران وأذربيجان وجورجيا، ليس لديها سوى عدد قليل من الأصدقاء الآخرين في المنطقة.