هذا الرقم قابل للتزايد باستمرار بسبب توسع الأراضي الرطبة الاستوائية خلال السنوات الأخيرة نتيجة سلسلة الفيضانات الكارثية في مختلف الدول الإفريقية. كان آخرها لبيبا التي ما تزال تعد ضحاياها، وقبلها شمال السودان والموزمبيق في شهر ماي الماضي، ورواندا في شهر مارس، وجمهورية الكونغو الديمقراطية في أبريل 2020.
وبلغة الأرقام، خلال فترة الحجر الصحي لجائحة كوفيد-19، أدى انخفاض حركة المرور البرية والجوية إلى تقليل تلوث الهواء لكن تم تسجيل زيادة “استثنائية” في انبعاثات غاز الميثان في الفترة 2020-2021، من 14 إلى 26 مليون طن في عام 2020 ومن 13 إلى 23 مليون طن في عام 2021 وكان السبب الرئيسي في هذه الزيادة هو الأراضي الرطبة والفيضانات، حسب المصدر نفسه.
ويبدو أن التغير المناخي هو السبب الرئيس لتزايد عدد الفياضات التي تسبب بدورها الاحتباس الحراري العالمي وتسرع ظهور أعراضه في القارة.
وفي تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية”، يقول عالم مناخ وأستاذ وباحث في جامعة “ريمس شامباني-أردين”، توماس لافو إنه “أمر أشبه بـ”حلقة مفرغة حقيقية”.
ويوضح: “إن انبعاثات غاز الميثان من هذه الأراضي الرطبة قد زادت بسرعة كبيرة وذلك نتيجة لتغير المناخ. وكلما زادت درجة الحرارة، كلما زادت انبعاثات غاز الميثان، وبالتالي، ارتفعت درجة الحرارة أكثر”.
انبعاثات مهمة لغاز الميثان
ويتابع لافو: “بفضل الأقمار الاصطناعية، أصبحت لدينا تغطية يومية لشمال وجنوب القارة والتي أظهرت تسربات مهمة لغاز الميثان منها، سواء وبشكل خاص من فيضانات الأراضي الرطبة أو من الدول التي تتوفر على النفط والغاز في إفريقيا”.
ووفقا لدراسات نشرتها نهاية العام الماضي مجلة “ناتوغ”، فإن 40 في المئة من انبعاثات غاز الميثان تأتي من مصادر طبيعية وخاصة من الأراضي الرطبة، التي تغمرها المياه لجزء من العام على الأقل. فيما تأتي 60 في المئة منها من الأنشطة البشرية (الزراعة والوقود الأحفوري والنفايات).
وفي حين أن إفريقيا لا تساهم إلا قليلاً في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية (3 في المئة من الانبعاثات العالمية)، فإنها مع ذلك منتج رئيس لغاز الميثان (16 في المئة من الانبعاثات العالمية).
ويذكر خبير المناخ أن “غاز الميثان يعتبر ثاني أهم الغازات الدفيئة بعد ثاني أكسيد الكربون. وهو الآن مسؤول عن 35 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، وساهم في ثلث الزيادة في درجات الحرارة منذ عصور. وقبل كل شيء، فهو غاز يتمتع بقوة تسخين أكبر بحوالي 80 مرة من قوة ثاني أكسيد الكربون على مدى عشرين عاما”.
لكن في المقابل، يؤكد توماس لافو أن “عمره الافتراضي الذي لا يتجاوز عشر سنوات، مقارنة بـ100 عام بالنسبة لثاني أكسيد الكربون، يجعله أداة قوية في مكافحة تغير المناخ”.
ولهذا تم الإعلان عن تعهد عالمي لغاز الميثان، في قمة المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة” Cop26″ في غلاسكو باسكتلندا في عام 2021، يهدف إلى خفض الانبعاثات التي يسببها الإنسان بنسبة 30 في المئة بنهاية العقد الحالي.
تأثيره على إفريقيا
ويشير الخبير في المناخ إلى أن “إفريقيا تعد القارة الأكثر تضررا من انبعاثات غاز الميثان”، لأنه حسب قوله، “يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى نقص التساقطات المطرية في بعض البلدان. مثلا عندما لا تتعدى نسبة التساقطات في بعض المناطق 200 ملمترا سنويا، فبسبب الاحتباس الحراري يمكن أن تنخفض هذه النسبة إلى النصف مما قد يتسبب في وضع كارثي ينعكس على الزراعة أساسا، المورد الأساسي لبعض البلدان”.
ويؤكد من جانب آخر أن “انبعاثات هذه الغازات الدفيئة ستضر بإفريقيا أيا كان البلد المسؤول عنها. لأنه عكس مشكل التلوث الذي يكون تأثيره محليا فإن غاز البوتان عندما يتحرر في الغلاف الجوي، بعد شهور يتوزع ويصل إلى القارة ويزيد من الاحتباس هناك”.
لهذا يشجع المتحدث على “ضرورة استعادة غاز الميثان المتسرب من منشآت النفط والغاز واستغلاله محليا، أما بالنسبة للفيضانات والسيول فلا يوجد حل لحد الساعة”.