ت + ت – الحجم الطبيعي
لا يأتي العلم والتطور إلا بالتجربة، وهذه المقولة تؤمن بها شركات التكنولوجيا بشكل كبير، ولكن العديد من شركات التكنولوجيا، أنفقت مليارات من الدولارات على تجارب فاشلة، والأمر لم يكن مجرد تجارب ولكن البعض منها نزل إلى الأسواق وسط توقعات تجارية وطموحات عالية، اصطدمت بأرض الواقع لتذهب المليارات المنفقة هباءً.. ومن هذه الشركات جوجل ومايكروسوفت، وحتى سوني وسامسونج وأبل كان لهم باعاً مع المشروعات الفاشلة.
وفي الحلقة الثانية نتناول أحد عمالقة البرمجة والتكنولوجيا وهو مايكروسوفت، والذي له باع طويل أيضاً في الإخفاق، والمشاريع الفاشلة، التي كبدت ذلك الكيان الكبير مليارات ذهبت سدى، وفيما يلي 7 مشاريع لمايكروسوفت واجهت فشلا كبيراً واختفت عن الساحة بعد إنفاق الملايين عليها.
1- إم إس إن
لا يمكن اعتبار الماسنجر مشروعاً فاشلاً بمطلق الكلمة، ولكنه مشروع ناجح واجه منافسة ساخنة أدت به إلى الفشل والاختفاء، فالجيل الذي جاوز الثلاثين من عمره، بكل تأكيد يتذكر إم إس إن ماسنجر، وياهو ماسنجر وغيرهم من التطبيقات التي كانت الجيل الأول من برامج التواصل الاجتماعي والشات عبر الإنترنت، ولكن بصدور بلاك بيري ماسنجر و”الآي ماسيدج”من أبل، ومن بعدهما واتس آب وتطبيق ماسنجر الفيسبوك، أصبحت المنافسة صعبة على مايكروسوفت، ورأت أن المضي قدماً في تطوير البرنامج للتواصل فقط عبر البريد الإلكتروني لم يعد جاذباً للمتعاملين، بعد أن أصبح التواصل أسهل وأكثر مرونة بالتطبيقات المعتمدة على بيانات الهاتف المتحرك.
وفي 31 أكتوبر 2014، قررت مايكروسوفت إنهاء إم إس إن ماسنجر تماماً بعد 15 عاماً قضاها في الخدمة، واستبداله بتطبيق سكايب الذي اشترته مايكروسوفت من مالكه الأصلي، ليجمع بين خاصية التواصل عبر الإيميل والـvolte وهي الصوت عبر الإنترنت.
2- ويندوز موبايل
من الأيقونات التاريخية في عالم التكنولوجيا، ذلك الحوار الذي سخر فيه ستيف بالمر مدير مايكروسوفت من إطلاق هاتف آيفون، معتبراً أن سعر الهاتف 400 دولار وقتها مزحة، وأن مشروع أبل سيفشل فشلاً كبيراً في الأسواق، وبعد اجتياح هواتف أبل آيفون للأسواق، حاولت مايكروسوفت نسيان إخفاقها في عالم الهواتف مع نظام «ويندوز سي إي»، لتصنع محاولة أخيرة للحاق بركب الهواتف الذكية بعمل نظام «ويندوز موبايل»، وهو النظام الذي تبنته حفنة من الشركات مثل إتش تي سي، وإل جي وسامسونج، واشترت مايكروسوفت شركة نوكيا للهواتف لتحمل نظام تشغيلها، إلا أن نظام تشغيل مايكروسوفت للهواتف الذكية لم يلقى أي استحسان في الأسواق.
ولم يكن فشل «ويندوز موبايل» بسبب النظام نفسه أو طريقة تشغيله، ولكن واجهة مايكروسوفت واجهت مشاكل عديدة على مستوى التطبيقات، وصدور الأجهزة بعدد محدود من التطبيقات، وصراع مايكروسوفت مع جوجل وقتها، والذي أدى لحجب مايكروسوفت لتطبيق يوتيوب، أفشل المشروع برمته، وغاب المطورون عن متجر مايكروسوفت، ليصبح مهجوراً، الأمر الذي أدى لتراجعه في الأسواق، وإحجام الناس عن شراء الأجهزة التي تحمل ذلك النظام..
لتعلن مايكروسوفت في 2017 إيقاف التطوير على الواجهة وغلق المشروع من بابه، حتى أنها لجأت لنظام أندرويد في أجهزتها المطوية سيرفيس ديو التي أصدرتها في 2019.
3- هاتف الـ48 يوماً
في 2004 اشترك تيم روبن مؤسس أندرويد وستيف فوزنياك أحد أهم مطوري أبل، في عمل هاتف ذكي أسموه دينجر هيب توب، وحقق نجاحا ملموساً في بداية إطلاقه، ما جعل مايكروسوفت تستحوذ على المشروع من الشركة المالكة واسمها «دينجر» مقابل 500 مليون دولار، كما استحوذت على العاملين في المشروع وضمتهم مايكروسوفت إلى فريق تطوير الهواتف الذكية في الشركة.
وبالفعل بدأ مشروع مايكروسوفت لإنتاج الهاتف «كين» في إطار مشروع أسموه «بينك بروجيكت»، والذي بدأ التطوير فيه اعتبارا من 2008، ليستمر في الأسواق فقط 48 يوماً.. نعم 48 يوماً!
واجه الجهاز العديد من العوامل التي أدت لعدم تقبل الأسواق له، واستمراه على الأرفف دون مبيعات تذكر، أول تلك العوامل هو السياسة التسويقية للجهاز والتي ربطت شراء كل جهاز بعقد واشتراك سنوي، الأمر الذي لم يكن مستساغاً وقتها، أيضا قصور في واجهة الأجهزة وعدم قدرتها على تحميل تطبيقات أو التعامل مع مواقع تستخدم الفلاش، وعدم قدرة الجهاز على تشغيل ألعاب.. كلها عوامل أدت لفشل «كين» في 48 يوماً وسحبه من الأسواق.
4- ويندوز إم إي وويندوز فييستا
تكبدت مايكروسوفت الملايين بسبب مشروعي ويندوز إم إي وويندوز فييستا، في المرة الأولى وبعد ويندوز 98، قررت مايكروسوفت التعديل على الواجهة وإضافة تعديلات وصدرت واجهة إم إي أو التي أطلقوا عليها نسخة ميلينيوم نسبة لصدورها وقت دخل العالم في الألفية الثالثة، ولكن النسخة واجهت العديد من المشاكل والثغرات الأمنية، وكانت التطبيقات تغلق من تلقاء نفسها، وواجهت مايكروسوفت عاصفة من الاعتراضات والشكاوي، ورفعت العديد من الجهات دعاوي قضائية على مايكروسوفت بسبب سوء مستوى نسخة الويندوز، مما اضطر الشركة لاستبدالها بعد عام واحد بنسخة إكس بي، والتي أنقذت مايكروسوفت من الإفلاس وعالجت العديد من المشاكل.
ولكن مايكروسوفت بدت في 2005 أنها أدمنت المشاكل، فقد أرادت أن تجاري مايكروسوفت في واجهتها شكل أجهزة أبل التي ذاع صيتها وقتها، من حيث الواجهة وطريقة الأنيميشن، فبذلت مجهوداً خرافيا لإنتاج واجهة ويندوز فييستا.. وهي الواجهة التي وجدت نفس مصير ميلينيوم، ولكن لأسباب مختلفة.
عانت نسخة فييستا التي استمرت في الأسواق لعام واحد من تجاوزها لقدرات الأجهزة في ذلك الوقت، فكانت تمتص طاقات الأجهزة وتسبب ثقلاً في معاملات أجهزة الحاسب، الأمر الذي جعل الشكاوي تتزايد، لتسحب على الفور مايكروسوفت ويندوز فيستا وتنزل بويندوز 7 في عام 2007 المبني على برمجيات ويندوز إكس بي بتحسينات قليلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
5- مايكروسوفت زون
بعدما أطلقت شركة أبل جهاز آيبود لتشغيل الملفات الصوتية والموسيقى، أرادت مايكروسوفت منافستها في ذلك السوق الصاعد بقوة في بداية الألفية الثالثة، وفي 2006 أنتجت مايكروسوفت جهاز زون، ولكن الجهاز واجه رفضاً جماهيريا، ولم يستطع منافسة أبل في الأسواق بسبب غياب الدعم اللازم، لينتهي الجهاز سريعاً دون تحقيق أي نجاح، وترفض مايكروسوفت المكابرة في المشروع ومحاولة تطويره وتوقف إنتاجه نهائياً بعد عام واحد من إنتاجه.
6- مايكروسوفت ديو
ما يزال جهاز مايكروسوفت سيرفيس ديو القابل للطي في الأسواق، ولكن بشكل محدود، ولا يتم له التسويق بشكل كبير، وذلك لأن الجهاز ولد معيوباً منذ إطلاق المشروع في 2018، حيث سربت مايكروسوفت العمل على جهاز قابل للطي يحمل نظام أندرويد، لمحاولة اللحاق بسوق الأجهزة المحمولة، ولكن بعد التسريب لم يصدر الجهاز، وظل تحت التطوير لفترة طويلة، وعندما تم إطلاقه في الربع الثالث لـ2020، أولا لم يكن قابلا للطي بشكل كامل وإنما هو مجرد شاشتين متجاورتين، دون وجود شاشة خارجية، وبالتالي بمجرد طي الجهاز لا يصبح بالإمكان معرفة المتصلين أو متابعة الإشعارات لكونها تظهر على الشاشتين الداخليتين، ولكن أسوأ ما في الأمر أن الجهاز صدر في 2020 بمعالج عام 2019، وبالتالي لم يكن مواكبا للأسواق، ثانياً حملت واجهة الجهاز العديد من المشاكل في المالتي تاسكينغ واستخدام الشاشتين لم يكن سلساً، ولم تدعمه العديد من تطبيقات الجهاز الأساسية.
أضف لذلك نزول الجهاز في عام «كوفيد 19» مما جعل هناك العديد من الصعوبات اللوجيستية، وأيضا المادية على المستهلكين، لكونه طرح بسعل أغلى من جهاز سامسونج القابل للطي في ذلك الوقت، مما جعله الجهاز يواجه فشلاً كبيراً في الأسواق، ولكن مايكروسوفت لم تيأس، وحاولت التحسين من تجربة المستخدم بإصدار ديو 2، النسخة المحسنة من الجهاز في 2022، ولكن ما بدأ ضعيفاً لم يكن من السهل أن يجتاز صعوبة البدايات، خاصة أنه كان مجرد تحسين للنسخة السابقة ولم يكن الجهاز الجديد معالجاً لكل عيوب النسخة السابقة، وبالتالي واجه الجهاز مصير سلفه، ولم تستقبله الأسواق بالشكل المطلوب..
حتى الآن لم تقتل مايكروسوفت المشروع، ولكنه يحتاج الكثير لحصل على مكانة في الأسواق، خاصة مع التطور الكبير الذي يشهده سوق الأجهزة القابلة للطي والذي تقوده سامسونج وهاواوي وأوبو، والذي شهد نقلة تكنولوجية كبيرة، ربما لا يستطيع جهاز مايكروسوفت اللحاق بها.
7- كليبي
محاولات مايكروسوفت لعمل مساعد شخصي ذكي، سبقت جوجل وأمازون وغيرهم من المساعديدن الشخصيين في الأجهزة الذكية، وكان كليبي أول مساعد شخصي، يفترض أنه ذكي، في 1997، وكان ينزل مع تطبيقات أوفيس بشكل متحرك خفيف الظل، يحصل على أوامر ويطورها ويجيب على أسئلة، ولكن لغياب الأجوبة دائماً، وعدم قدرة المعالجات في ذلك الوقت على التعامل مع كليبي بشكل يضيف تسهيلاً للمستخدم، وغياب الذكاء الاصطناعي في ذلك الوقت عن الأجهزة، ما أدى إلى أن أصبح كليبي أزمة في حد ذاته.
تحول المساعد الشخصي إلى ذبابة يحاول الجميع إبعادها عن شاشاتهم خلال الكتابة في وورد أو إكسيل، ولاحظت مايكروسوفت أن أغلب المستخدمين يعطلونه من أجهزتهم فأوقفت التطوير فيه، وانتهى تماما مع إصدار ويندوز إكس بي في 2003.