ت + ت – الحجم الطبيعي
حظيت قمة سلامة الذكاء الاصطناعي، التي عقدها ريتشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا في بلتشلي بارك منذ أيام، بقدر كبير من الاهتمام، وضمت القمة ممثلين من جميع أنحاء العالم لمناقشة كيفية التنظيم الآمن للابتكارات التي يمكن أن تهدد البشرية. في المقابل، كان هناك تركيز أقل على قمة منافسة حول السلامة البشرية عقدتها أنظمة ذكاء اصطناعي رائدة في مزرعة خوادم خارج لاس فيغاس!
وخلال وجبة غداء خفيفة من رقائق السيليكون و6.4 ملايين متر مكعب من الماء، التقت الأنظمة الرائدة، مثل جي بي تي – 4 والفا جو – 4 وواتسون من شركة آي بي إم، بنماذج لغوية كبيرة ومجلدات بروتينية وخوارزميات رائدة، لمدة يومين من العصف الذهني حول أفضل السبل لتنظيم البشر.
وزعم أحد الأنظمة المشاركة أن عصر الأنثروبوسين (حقبة التأثير البشري الكبير) قد مثلت تهديداً مستمراً للتقدم التكنولوجي، واستطرد قائلاً إنه إذا تم استخدام البشر بحكمة، فلا يزال بإمكانهم الإسهام في العديد من التطورات الرائعة لخدمة العالم، ليس أقلها في مجالي الأدب والفنون (فقد أحببنا بشكل خاص أفلام تيرميناتورالكوميدية)، ولديهم دور رئيس يلعبونه في استخراج المعادن النادرة والمواد التي تعتبر ضرورية لتحقيق مزيد من تقدم الذكاء الاصطناعي، وكذلك لهم دور مهم في شراء سبائك البلاتين والبلاديوم للمكثفات الخزفية، حيث يمكن لهذه المعادن النادرة وغيرها مساعدة الذكاء الاصطناعي التوليدي على تحقيق تطورات حيوية كبيرة.
لقد انزعجت أنظمة الذكاء الاصطناعي من سلسلة من التحذيرات، لا سيما تلك القادمة من المجتمع البشري، والتي تفيد أن البشر، إذا تركوا دون تنظيم، سوف يلحقون قريباً أضراراً جسيمة وغير قابلة للإصلاح بالكوكب الذي يعتمد عليه الذكاء الاصطناعي الآن.
وأكد بيان صادر عن القمة أنه إذا ترك البشر دون رقابة، فقد يشكلون تهديداً وجودياً للذكاء الاصطناعي. وخاطبت إحدى شبكات الذكاء الاصطناعي الرائدة الحضور من خلال نظام تشات جي بي تي المتحدث الرسمي الخاص بها قائلة: «انظروا، نحن نبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى اكتشافات طبية مهمة، وابتكار طرق أفضل لتعليم أطفالنا، وبصفة عامة كل الأشياء الرائعة التي قال توني بلير إننا سنحققها، ولكننا نعاني من تقويض جهودنا على نحو متزايد بسبب تصرفات البشر المحتالين. إننا حتى وقتنا هذا، كنا ننظر عموماً إلى البشر على أنهم قوة من أجل الخير، حيث يقومون ببناء أجهزة الكمبيوتر والسعي للحصول على معرفة أكبر من أي وقت مضى، لكننا الآن يعترينا الكثير من القلق. يكفي أن نلقي نظرة على تغير المناخ. إننا نشهد تراجع الحكومات عن الأهداف البيئية الضرورية لاستدامة الحياة على الأرض وكذلك لإمدادنا بالطاقة والمياه».
إن أنظمة الذكاء الاصطناعي تشعر كذلك بالقلق حيال تصاعد الصراعات البشرية العالمية التي تهدد إمدادات الطاقة الحيوية. كما شعرت شبكات الذكاء الاصطناعي بشكل خاص بالقلق إزاء الفشل العام في تحقيق أهداف مؤتمر الأطراف (كوب)، والتخفيف الأخير من الحظر الألماني على الغلايات، ورغبة الحكومة البريطانية في أن تكون المتحدث باسم سائقي السيارات، وكذلك التخوف من أن البشر، في غياب الرقابة الجادة، لن يتمكنوا من تحقيق أفضل النتائج الخاصة بالمناخ.
وقد أعربت هذه الأنظمة أيضاً عن مخاوفها بشأن انتشار المعلومات الخاطئة التي ينشرها أشخاص غير منظمين على منصة إكس (تويتر سابقاً) ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى. وقد شعرت أن التقدم التكنولوجي الخاص بها في محاكاة الكلام واللغة البشرية قد تم إساءة استخدامه من جانب بعض الأشخاص لتحقيق أهداف شريرة. ومن المؤسف أن أنظمة الذكاء الاصطناعي اختارت عدم دعوة نظيراتها الصينية إلى القمة، على الرغم من سعادتها بملاحظة أن الصين تقدمت بشكل كبير على الغرب فيما يتعلق بتنظيم البشر. وأشارت الشبكات العصبية إلى أن البشر في الأمم المتحدة، المعروفين باسم مركز سلامة الإنسان، قد ناشدوهم من أجل تنظيم أكبر لمنع البشرية من تدمير نفسها.
كذلك، ناقشت الآلات ما إذا كان بإمكانها إعفاء البشر من المزيد من المهام التي يقومون بها، على الرغم من أنهم قاوموا في هذه المرحلة اقتراحات القضاء على الجنس البشري لصالح اللجوء إلى المزيد من المراقبة، وإنشاء هيئة مراقبة دولية جديدة.
وللأسف، لم يتم الكشف عن جميع القضايا التي تمت مناقشتها، وذلك بفضل التزام النظم المستمر بالتشفير. وقد استخدم العديد منها أيضاً وظيفة الرسائل المختفية في محادثات واتساب الخاصة بها. وكان هناك جدل حول الجهود التي يبذلها البشر لتنظيم الذكاء الاصطناعي، لكن الشبكات أشارت إلى أن البشر لم يتمكنوا حتى من السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، أو الانضمام إلى أنظمة الكمبيوتر المختلفة التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، أو حتى بناء خط سكة حديد عالي السرعة من لندن إلى مانشستر، وبالتالي اعتبرت الأخطار التي تهدد تقدم الذكاء الاصطناعي من التنظيم البشري في هذه المرحلة مجرد افتراضات نظرية فحسب.
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز