ت + ت – الحجم الطبيعي
تسعى شركة أبل، عبر “مختبرات سرية” في العاصمة الفرنسية باريس، إلى إجراء اختبارات وفحوصات يقوم بها خبراء وقراصنة إنترنت بأحدث الأجهزة، بغية تقديم المزيد من الحماية لمستخدمي هواتف آيفون، وذلك مع انتشار برامج الاختراق والبرمجيات الخبيثة التي تشهد تطورا وتناميا كبيرين.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “إندبندنت” البريطانية، فإن “باريس تتمتع بتاريخ طويل ومميز في مجال تكنولوجيا الأمان، بما في ذلك العمل على تحصين البطاقات الذكية التي يتم تخرين معلومات شخصية ومصرفية وأمنية حساسة فيها”.
ووفقا للخبراء في الشركة، فإنه على عكس البرامج والتطبيقات التي يمكن معالجة الثغرات الأمنية فيها مهما كانت كبيرة، من خلال تحديث أمني، فإن الأجهزة تكون خارج أيدي شركة أبل بمجرد أن يشتريها العميل.
وهذا يعني أنه يجب اختبار الأجهزة، مع فحص كل نقاط الضعف المحتملة وإصلاحها قبل طرحها للأسواق.
وأشارت الصحيفة إلى أن مهندسي شركة أبل “يعملون بجد على اختراق هواتفها وأجهزتها الأخرى باستخدام مجموعة واسعة من أدوات التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك أجهزة استشعار ليزر مضبوطة بدقة، وذلك على أمل العثور على الثغرات الأمنية ومعالجتها قبل طرحها للجمهور”.
ويجب الاعتماد على رقائق شركة أبل لتشفير البيانات الآمنة، بحيث لا يمكن لأي شخص آخر قراءتها، فعلى سبيل المثال؛ يجب تشفير الصور قبل إرسالها ليتم نسخها احتياطيًا على خدمة التخزين السحابية “آي كلاود iCloud”، لضمان عدم تمكن القراصنة من الاستيلاء عليها أثناء نقلها.
ويتطلب ذلك استخدام حسابات وخوارزميات معقدة، لجعل الصور بلا معنى دون مفتاح التشفير الذي سيفتحها.
مخاوف من “الخدمات الرقمية”
ومع ذلك، فإن تركيز أبل على مسألة الأمن والحماية في أجهزتها، يضعها في موقف جيوسياسي صعب من النوع الذي تجنبته في كثير من الأحيان، وفق الصحيفة.
ففي أواخر الشهر الماضي، وبحسب منظمة العفو الدولية، أرسلت أبل إشعارات لمستخدمين في عدة دول من بينها الهند، محذرةً من أن أجهزة أبل الخليوية والحسابات العائدة لهم تعرّضت للاستهداف من جانب “مهاجمين يحظون برعاية حكومية”.
وأرسلت أبل دفعات متعددة من إشعارات التهديدات هذه منذ نوفمبر 2021.
و أكدت التحقيقات الجنائية اللاحقة في أعقاب هذه التحذيرات، أن العديد من الأشخاص الذين أخطرتهم أبل “استُهدفوا بالفعل وأن أجهزتهم تعرضت لبرامج تجسس مثل بيغاسوس”.
ومع ذلك، فإن هذا النوع من الهجمات المتقدمة مكلفة ومعقدة، مما يعني أنه “غالبًا ما تنفذها حكومات، مما قد يسبب صعوبات لشركة أبل وشركات التكنولوجيا الأخرى”، وفق “إندبدنت”.
وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه، حسب الصحيفة، هو “كيف يتم توجيه شركة أبل في المواقف التي قد تضطر فيها لمواجهة دول ووكالات حكومية واستخباراتية قوية؟”.
عن ذلك، يجيب مدير الأنظمة الأمنية في الشركة، إيفان كرستيتش: “نحن لا نرى أنفسنا في مواجهة الحكومات.. وهذا الأمر ليس محور عملنا.. لكننا نرى أنه واجبنا الدفاع عن مستخدمينا من الأخطار والتهديدات، سواء كانت بسيطة وشائعة أو خطيرة للغاية في بعض الحالات”.
ورفض كرستيتش إعطاء تفاصيل دقيقة بشأن كيفية تعامل الشركة مع تلك الصعوبات في الماضي، مضيفا: “عند النظر إلى الاستجابات التي قدمناها وكيف تمكنا من حماية بعض الأشخاص، فإنني أشعر أننا كنا نفعل الأمور الصحيحة”.
ولا تعد إشعارات التهديدات الجزء الوحيد من العمل الأمني لشركة أبل الذي تسبب في حدوث مشكلات مع عدد من الحكومات، فهناك جدلية أكبر باتت تطرح نفسها بشكل متزايد، وقد تؤدي تداعياتها إلى حدوث تغييرات جوهرية أقوى في السنوات المقبلة.
وتتمثل “الجدلية”، في المخاطر التي ييثيرها قانون “الخدمات الرقمية” الذي أقره الاتحاد الأوروبي مؤخرا، إذ أنه سيجبر أبل على السماح بتحميل تطبيقات من متاجر ومواقع إلكترونية أخرى، بعد أن كان الأمر حكرا على متجر أبل.
ولن يضطر عملاء الشركة إلى الاعتماد بشكل كلي على متجر” آب ستور” للحصول على التطبيقات والألعاب، كما سيكون بإمكان المطورين نشر تطبيقاتهم في متاجر بديلة، دون أن يضطروا إلى دفع رسوم خاصة لشركة آبل، تتراوح نسبتها بين 15 و30 بالمئة عن كل عملية شراء أو اشتراك داخل المتجر.
ولا يوافق كرستيتش على ذلك، موضحا أن “أبل كانت واضحة في معارضتها لهذه الخطوة”، مضيفا بشيء من الإحباط أن ذلك “سيتنافى بشكل أو بآخر مع توفير المزيد من الحماية لمستخدمي أجهزة الشركة”.
وتابع: “لن يكون لدى المستخدمين خيار الحصول على التطبيقات من خلال مصدر يثقون به”.