إنترنت الأشياء.. تحليق بالبشرية نحو «السحابة»

1


ت + ت – الحجم الطبيعي

لا يزال قطار الأتمتة ماضياً في طريقه لا يلوي على شيء سوى الارتقاء بحياة البشر إلى مستوى جديد من تقدّم الأعمال، الذي تكون الآلات والأجهزة فيه ليست مساعدة لهم في أداء الوظائف اليومية فحسب، بل وفي التفكير أيضاً. فبعد الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، ها هو إنترنت الأشياء يجعل الأجسام المادية في عالمنا كما لو كانت الحياة قد دبت فيها.

يرى نارين فيجاي، نائب الرئيس التنفيذي لدى شركة «لومينور»، المزوّد المتخصص في حلول الأعمال والتحليلات المتقدمة المستندة إلى السحابة، ومقرها دبي: «إنترنت الأشياء هو نظام بيئي يشمل أجهزة ذكية متصلة ببعضها عن طريق الإنترنت. ومن الممكن أن تشمل هذه الأجهزة مُعالجات الحواسيب، وأجهزة الاستشعار عن بُعد، وأجهزة الاتصال التي تقوم بصفة دائمة بتجميع بيانات من البيئة المحيطة. وبعد تجميع البيانات، تتولى نفس الأجهزة مشاركتها ونشرها من خلال بعض البوابات باستخدام تقنية السحابة، أو تقوم بفرز هذه البيانات ثم تحليلها.

وأضاف: يُعد الجانب الأكثر أهمية في إنترنت الأشياء أن الأجهزة هي التي تتخذ قرار التصرف في البيانات بعد تجميعها، سواءً كان هذا القرار هو بث البيانات أو فرزها وتحليلها، بصفة مستقلة تماماً عن أي تدخل بشري. ولكن على الرغم من ذلك، يمكن للبشر التفاعل مع الأجهزة المستخدمة في إنترنت الأشياء خلال مرحلة التجهيز والإعداد، على سبيل المثال، لتزويدها بالتعليمات المتعلقة بالوصول إلى البيانات.

وأوضح: «أحدث إنترنت الأشياء تغييراً هائلاً في حياة البشر، إذ إنه يُمكنهم من عيش حياة ذكية، فهو يؤتمت ويبسط مهام الحياة اليومية لجعلها أكثر سهولة. ولا تقتصر التأثيرات الإيجابية لإنترنت الأشياء على الحياة اليومية للأفراد فحسب، بل وإنما بات مؤثراً في أعمال الشركات والمؤسسات أيضاً. وبات عدد كبير من هذه الشركات والمؤسسات يتبنى إنترنت الأشياء في تسيير أعماله بُغية تعزيز كفاءته.

وقال: من خلال إنترنت الأشياء، تستطيع الشركات والمؤسسات فهم عملائهم واحتياجاتهم على نحو أفضل، وبالتالي تحسين تجاربهم. كما تستفيد الشركات من إنترنت الأشياء في تحسين آليات اتخاذ القرارات لديها، ومن ثم في خلق قيمة مُضافة لأعمالها. وأخيراً، فإن إنترنت الأشياء يؤتمت أعمال الشركات. وعليه، سيصبح إنترنت الأشياء في غضون وقت قصير جداً من الآن ممارسة شائعة في الأوساط المؤسسية والتجارية على مستوى العالم، وسيكون بمثابة ضرورة حيوية مُلحة لضمان بقاء الشركات واستمراريتها في عصرنا الراهن، وليس مجرد تقنية جديدة تسعى بعض الشركات ذات الإمكانيات المادية الكبيرة إلى امتلاكها على سبيل التفاخر والمباهاة.

تطبيقات

وعن أبرز التطبيقات التجارية لإنترنت الأشياء، قال فيجاي: «تستخدم البيوت العصرية في بعض دول العالم المتقدمة الآن إنترنت الأشياء في مراقبة أداء الأجهزة والأنظمة الكهربائية المنزلية، بحيث يتمكن صاحب المنزل من مراقبة أداء الأجهزة والتحكم فيها بغرض سرعة اكتشاف أي أعطال خطيرة قد تؤدي إلى عواقب كبيرة كالماس الكهربائي أو غيره من الأعطال التي قد تنتهي بحدوث كوارث كالحرائق. وعليه، فإن إنترنت الأشياء بات الآن وسيلة هامة لتعزيز الأمان والسلامة في المنازل. وعند التوسع في تطبيق إنترنت الأشياء وانتشاره بحيث يصبح ذا جدوى اقتصادية أكبر، يمكن استخدام إنترنت الأشياء على نفس النحو ولكن على نطاق أكبر في المُدُن الذكية.

وأضاف: «علاوة على ذلك، يستطيع المزارعون في القرى تطبيق إنترنت الأشياء في تجميع بيانات عن المناخ، والتنبؤ بسقوط المطر من عدمه، وحالة التربة، وغيرها من المعلومات ذات الصلة التي من شأنها أتمتة مهنة الزراعة، ومن ثم تعزيز كفاءتها. أما على مستوى الشركات، كما ذكرنا، بدأت شركات عديدة في دول العالم المتقدمة تطبيق إنترنت الأشياء في أتمتة عملياتها وتحسين تجارب العملاء».

واختتم فيجاي: «تتسم الإمارات عموماً بسعيها الحثيث الذي بدأته خلال السنوات الأخيرة لبناء اقتصاد على المعرفة والتقنيات الحديثة بالأساس. ولأن دبي تحديداً تعد محركاً أساسياً لتسيير هذا التوجه من جانب الإمارات صوب اقتصاد المعرفة، فقط أطلقت حكومة دبي منذ عدة سنوات استراتيجية حكومة لإنترنت الأشياء والتي تهدف إلى تشجيع المؤسسات والهيئات الحكومية على الانضمام إلى منظومة التحول الرقمي الذكي في الإمارة، وكذلك تحقيق أهداف خطة دبي الذكية 2021 في التحول نحو حكومة خالية تماماً من المعاملات الورقية. وعليه، أتوقع أن يلقى إنترنت الأشياء قبولاً من جانب عدد متزايد من الشركات في دبي، وفي الدولة ككل، وفي غضون فترة قصيرة».

شبكة

بدوره، يرى المهندس فادي مرقص، مدير عام نمو الأعمال لدى «إيه جي فاسيليتيز» للمرافق، التابعة لمجموعة «الغرير للاستثمار»، أن إنترنت الأشياء شبكة من الأدوات والأجهزة المتصلة ببعضها البعض، وتتضمن البشر أيضاً. وقال: «يمكن أن ينطبق مفهوم إنترنت الأشياء على شيء مادي ملموس كجسر أو مبنى أو مركبة، إلى جانب البشر. وبعد توصيل عناصر ومكونات شبكة إنترنت الأشياء ببعضها البعض عن طريق أجهزة الاستشعار عن بُعد، يجري توظيفها في قياس متغيرات مختلفة كترددات الأجهزة، ودرجات الحرارة، أو مستويات التسارع. ويمكن أن يتخذ تطبيق إنترنت الأشياء أيضاً شكل إنسان يرتدي ساعة ذكية أو يثبت شريحة ذكية في جسمه لرصد وتتبع قياسات جسمه الحيوية كنبضات قلبه».

وأضاف: «يستطيع إنترنت الأشياء تجميع البيانات من العالم الحقيقي، ثم رقمنتها على نحو يجعل الأصول المادية الملموسة كما لو كانت الحياة قد دبت فيها، ومن أهم مميزات شبكة إنترنت الأشياء أيضاً أن كل عنصر من عناصر الشبكة له عنوان بروتوكول إنترنت خاص به، بحيث يتفرد به عن باقي عناصر الشبكة عند بدء الاتصال فيما بينها لمشاركة وتبادل البيانات».

3 أجزاء

وعن آلية عمل شبكة إنترنت الأشياء، قال مرقص: «تنقسم شبكة انترنت الأشياء إلى ثلاثة أجزاء رئيسية، وهي أجهزة الاستشعار عن بُعد، والتي ترصد القياسات والمتغيرات الحيوية في العالم الحقيقي، ثم البوابات، ويُقصد بها الأجهزة التي تربط بين أجهزة الاستشعار عن بُعد المحلية وتبث البيانات إلى السحابة عبر شبكة الانترنت، ثم السحابة نفسها، والتي تتولى تخزين البيانات التي تصلها من أجهزة الاستشعار عن بُعد، ثم تتولى إصدار تقارير وتصورات مرئية لهذه البيانات».

وأشار مرقص في ختام حديثه إلى أبرز تطبيقات إنترنت الأشياء، فقال: «من أبرز تطبيقات إنترنت الأشياء تلك التي نراها في صناعة البناء والإنشاء والبنى التحتية، فبوسع أجهزة الاستشعار عن بُعد ضمن شبكة إنترنت الأشياء مراقبة حالة الأمن داخل أي مبنى، وأيضاً رصد أي جسم غريب أو دخيل يتسلل إلى داخل المبنى أو يحوم حوله. وأيضاً، يمكن تطبيق إنترنت الأشياء في رصد مستويات استهلاك الطاقة في كل مبنى، وأيضاً في تعظيم مستويات كفاءة الصيانة واكتشاف حالات العُطل أو الخلل في الأجهزة. وعلاوة على ذلك، يمكن استخدام إنترنت الأشياء في تطبيقات أخرى كتعظيم جودة المنتجات في عملية التصنيع أو في أتمتة سلاسل الإمداد والتوريد».

 

طباعة
Email